جاك تسترد: أن تبني دار نشر في غابة

جاك تسترد: أن تبني دار نشر في غابة

06 ابريل 2019
(تسترد في "ذا وايت رفيو"، يمين الصورة)
+ الخط -

وُصف الناشر جاك تسترد، مؤسس دار "فيتزكارالدو" بأنه "أفضل ما حدث لـ الوسط الأدبي في بريطانيا منذ عقود"، هو الذي بدأ يعمل محرراً بعد يأسه من العثور على وظيفة، يأسٌ اقترن على نحو مفارق بالحلم المبكر عند تسترد بتلك المهنة التي تقرّبه من سحر المشاركة في الكتابة وفي عالم المثقفين؛ المحرر الأدبي والناشر.

في إحدى مقابلاته، يقول جاك تسترد، الذي يشارك في فعاليات الدورة الحادية عشرة من "احتفالية فلسطين للأدب" التي تنطلق اليوم في عددٍ من المدن الفلسطينية وتتواصل حتى الثالث عشر من الشهر الجاري: "لم يكن من السهل أن أصبح محرراً... لم أتمكن مطلقًا من الحصول على الوظائف التي كنت أتقدّم لها، ولذا انتهى بي الأمر بأن أسلك هذه الطريق الطويلة وغير المعتادة والمعقدة، وأشق طريقي من الهوامش ومن خلال بدء مشروعي الخاص مع صديق من أجل لقمة العيش".

ومثلما فعل بطل فيلم المخرج الألماني فيرنر هيرتزوغ "فيتزكارالدو" (اقتبس منه الناشر اسم الدار)، الذي كان يحاول تحقيق مغامرته الجنونية ببناء دار للأوبرا في الغابة، بدأ تسترد مغامرة النشر المعقدة في القرن الـ21.

منذ تأسيسها عام 2014 بدأت الدار تلاقي نجاحات لا يمكن وصفها بالصغيرة، فمن كتّابه الصحافية البيلاروسية سفيتلانا أليكسيفيتش التي حازت "نوبل" للآداب عام 2015، وهي ضربة نجاح حالفت الدار وجلبت لها الاستقرار المادي، وفقاً لتسترد، كما أن الدار هي ناشرة الكاتبة البولندية أولغا توكاركوك الحاصلة على جائزة "مان بوكر الدولية" لعام 2018.

عن مهمة النشر، يقول: "عشت بضع لحظات براقة – الذروة كانت في عشاء جائزة نوبل لسفيتلانا أليكسيفيتش في استوكهولم – لكنني أمضي وقتًا أطول بكثير في حمل حقائب كبيرة من الكتب إلى مكتب البريد بدلاً من شرب المارتيني مع مؤلفين مشهورين. في الواقع، يعد حمل الكتب جزءًا كبيرًا من العمل". كان تسترد قد أعلن أيضاً في حزيران/ يونيو الماضي انضمام الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي إلى قائمة كتّاب الدار، حيث ينشر لها بالإنكليزية هذا العام روايتها "تفصيل ثانوي" التي صدرت بالعربية عام 2017 عن دار الآداب.

قبل أن يغامر بإطلاق دار النشر، اختبر تسترد العمل في الوسط الثقافي البريطاني، من خلال تأسيس مجلته "ذا وايت رفيو" عام 2011، وهي مجلة فصلية للفنون والأدب بثلاث طبعات ورقية في السنة، وإصدار شهري على الإنترنت، أطلقت بهدف "توفير مساحة لجيل جديد للتعبير عن نفسه بلا قيود على الشكل أو الموضوع أو النوع"، واقتبست اسمها من مجلة ثقافية فرنسية كانت تصدر في نهاية القرن التاسع عشر.

وبهدف العودة إلى نشر المراجعات النقدية الرصينة، أطلق تسترد قبل عامين، حملة كرد فعل على "ضآلة المساحة الحالية للنقد الأدبي والفني الجاد" في بريطانيا، وقال آنذاك إن المجلة ستكون مساحة "للنقد الحاسم والاستفزازي والخطير".

وسواء على صعيد تجربة الدار أو المجلة، فإن مغامرة تسترد موضع تفاؤل مع كل ما يقال عن سوق النشر واحتكاراته، ناهيك عن أن من أهم ما ساهم في نجاحها المبكر، أنها التفات إلى تجارب من جنسيات مختلفة، لم تكن موضع الأضواء والنجومية من قبل.

المساهمون