أمل غزال.. الميزابيون ووحدة المغرب بداية القرن الماضي

أمل غزال.. الميزابيون ووحدة المغرب بداية القرن الماضي

28 ابريل 2019
(من المحاضرة)
+ الخط -
تتعدد اهتمامات أمل غزال، الباحثة والمؤرخة اللبنانية ومديرة "مركز الدراسات المقارنة لمجتمعات وثقافات المسلمين" في "جامعة ساﻳﻤون فريزر" في مدينة فانكوفر الكندية، بين كتاباتها المتعدّدة حول الفكر العربي الحديث، والعلاقات الفكرية بين شرق أفريقيا والعالم العربي خلال الحكم البوسعيدي في زنجبار، وبروز الفكر القومي العربي، والصوفية المحافظة في أواخر العهد العثماني.

"شمال أفريقيا من حرب طرابلس إلى الحرب العالمية الأولى: بين الاستقلال والاتحاد العثماني" عنوان محاضرتها التي استضافها سيمنار "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" المنعقد في الدوحة الأربعاء الماضي، الرابع والعشرين نيسان/ أبريل.

أضاءت الباحثة على الحركات والنشاطات السياسية والفكرية في وادي ميزاب في صحراء الجزائر خلال الحرب العالمية الأولى، من خلال ربط الميزابيين بشبكات فكرية وسياسية عثمانية ومغاربية تدعو إلى الوحدة الإسلامية ومناقشة هذه العلاقة من زاوية الحاجة إلى مناهضة الاستعمار الفرنسي في شمال أفريقيا.

وركّزت المحاضرة على سعي الميزابيين من خلال تحرّكاتهم ضمن الإطار العثماني والمغاربي، خلال الحرب العالمية الأولى، للحصول على استقلالهم الذاتي والبقاء خارج إطار الجزائر بوصفها مستعمرةً فرنسية، وأبرزت أنّ التجربة الميزابية تلقي الضوء على ثلاثة مواضيع تتعلق بتأريخ حقبة الحرب العالمية الأولى.

أولها يتعلق بضرورة إيجاد سردية واحدة تربط بين الاحتلال الإيطالي لطرابلس الغرب سنة 1911 وتبعاته، وبين أحداث الحرب العالمية الأولى في شمال أفريقيا. فقد أدى الاحتلال الإيطالي، وفقاً للباحثة، إلى خلق شبكات مقاومة بين طرابلس وتونس والجزائر (وكذلك بين الساحل والصحراء) مرتبطة بالإدارة العثمانية في إسطنبول بشكل مباشر.

ورأت أنّ هذه الشبكات هي نفسها التي قادت المقاومة في شمال أفريقيا خلال الحرب العالمية الأولى، وأيضاً ضمن إطار مناصرة الدولة العثمانية. فالتعبئة والجهوزية خلال الحرب العالمية لم تكونا من مواليد اللحظة، بل كانتا استمراراً لتطورات حصلت خلال الاحتلال الإيطالي.

وثانيها يتصل بما أبرزت المحاضرة أنّ الاحتلال الإيطالي قد أعاد اهتمام النشطاء السياسيين المغاربة - تحديداً في الجزائر وتونس - بمسألة الاتحاد العثماني، والالتفاف حول الدولة العثمانية بوصفها "عصَا نجاةٍ"، إذ خشي النشطاء أن يؤدّي احتلال طرابلس إلى إنهاء الوجود العثماني على نحوٍ تامٍّ في الشمال الأفريقي، والقضاء على أيّ أمل متبقٍّ لديهم متعلق بمساندة عثمانية من أجل استعادة السيادة من الاحتلال الأوروبي، خاصةً الاحتلال الفرنسي لتونس والجزائر.

وبيّنت الباحثة تبلور فكرة وحدة المغرب تحت مظلة الاتحاد العثماني كحركة سياسية مناهضة للاستعمار، وأن هذه الهويات المغاربية - العثمانية برزت مجدّداً خلال الحرب العالمية الأولى. وهذا الارتباط المغاربي بفكرة الاتحاد العثماني، بوصفه مشروعاً إستراتيجياً وهويةً خلال الحرب العالمية، هو ما يدلّ - في نظر الباحثة - على استمرارية مرتبطة بأهمية الإطار العثماني في شمال أفريقيا، على الرغم من الاستعمار الفرنسي.

وثالثها يتمثل بحديث غزال عن تأريخ حقبة الحرب العالمية الأولى، مختتمة بعرض تطوراتٍ سياسية خلال هذه الحرب في شمال أفريقيا، أتت مغايرةً للصورة النمطية التي تصور الحرب العالمية باعتبارها حافزاً لنشوء حركات سياسية مناهضة للعثمانيين، ومنها حركات ذات بعد قومي وطني.

ومن ثم، استنتجت أنّ تجربة الميزابيين وسعيهم إلى استقلال خارج إطار "الجزائر"، ولكن ضمن إطار الوحدة العثمانية والوحدة المغاربية، دليلٌ على وجود بدائل للسرديات النمطية عن الحرب العالمية الأولى. وأعقب المحاضرة الثرية نقاشٌ عامٌّ، شارك فيه جمهور الباحثين في المركز العربي، وأساتذة "معهد الدوحة للدراسات العليا" وطلبته والحاضرون.

المساهمون