"بين اكتساب المعرفة وإنتاجها": العربية في مقاربة استشرافية

"بين اكتساب المعرفة وإنتاجها": العربية في مقاربة استشرافية

01 مارس 2019
أمل العاثم/ قطر
+ الخط -

ليس خافياً أن اللغة العربية تواجه أزمة في ما يتعلق بمستقبلها بين أبنائها أنفسهم، وفي الحقول المعرفية المختلفة، فقد غدت مع الوقت تبدو لغة ليست قابلة للتطوّر، وساهمت حقب التردي العلمي والثقافي التي تعود إلى أسباب مختلفة -على رأسها عقود الاستعمار الطويل- في تراجع استخدام هذه اللغة معرفياً.

ليس هذا فقط، أضعفت اللغة العربية وأنهكت أيضاً بأنظمة تعليمية متأخرة ووسائل ومناهج تربوية ضعيفة، فضلاً عن تراجع العلوم والمعارف التي ينتجها العرب أنفسهم، وبالتالي ضعف الأفق الذي يمكن لهذه اللغة فيه أن تتطور في مجالات العلم والمعارف على تنوعها.

وربما تكون علاقة العربية بالمستقبل هي التحدي الأكبر اليوم، فبناء على ما سبق تكاد تكون لغةً خارج السباق التكنولوجي وتطوره، ويجري النظر إليها بوصفها مقصرة في التكيف مع شروط العالم الافتراضي والتقدم التكنولوجي. فهل هذا التصور عن العربية حقيقي؟ وكيف يمكن أن نعيد الثقة إلى اللغة وجعلها لغة مستقبلية أيضاً؟

لا شك أن محاولات الإجابة عن هذا السؤال تبدأ بالإجابة عليه من المؤسسات الأكاديمية؛ فهي القادرة بما تملكه من قدرات البحث العلمي ومن الكفاءات على التفكير في هذه الأزمات والتحديات، ثم تقديم تصورات للحلول الممكنة والمستقبلية لها.

هذه القضايا هي جزء من محاور كثيرة تطرح على طاولة النقاش في ندوة علمية بعنوان "العربية بين اكتساب المعرفة وإنتاجها: مقاربة استشرافية" والتي تنضوي تحتها جلسات مختلفة ينظمها مركز اللغات في "معهد الدوحة للدراسات العليا"، وتنطلق في الثالث من الشهر الجاري لتتواصل حتى الخامس منه.

خمسون باحثاً من عدة مؤسسات أكاديمية عربية وآسيوية ومن أوروبا والولايات المتحدة، يلتئمون في الندوة التي تسعى إلى مناقشة الكيفية التي يمكن بها تفعيل اللغة العربية أداة للبحث العلمي والإنتاج المعرفي.

وفي عشرة محاور يقدم المشاركون أوراق عمل ودراسات وملخصات أبحاث تتعلق بـ التأثير والتأثر بين اللغة والفكر، وسياسات التخطيط اللغوي وتنفيذها، والعلاقة بين العربية لغة للمعرفة والمصطلح، ورصد الوظائف اللغوية اللازمة للارتقاء بالقراءة والكتابة النقدية، ومساهمة وارثي اللغة العربية من خريجي المدارس الأجنبية في العربية لغة للمعرفة، وإسهامات التكنولوجيا في رفع كفاءة التعليم والتعلم.

تبحث الجلسات على مدى ثلاثة أيام، أيضاً، قضايا الإنتاج الفكري باللغة العربية، وسبل تعزيز دور العربية كلغة رئيسة في اكتساب المعرفة في التخصصات كافة، إلى جانب التعرف على التجارب التطبيقية لدعم العلاقات بين اللغة والإنتاج المعرفي.

كما يناقش المشاركون تطوير أدوات معيارية لقياس الكفاءة اللغوية الأكاديمية للناطقين بالعربية، والنظر في المقررات باللغة العربية في الجامعات العربية، وتطوير وسائل لرفع كفاءة الباحثين في اللغة العربية لأغراض أكاديمية ومهنية.

الندوة التي تخاطب أوراقها البحثية تحديات طلاب الجامعات، تعكس رؤية المعهد الأكاديمية اللغوية، ومساعيه الرامية إلى ربط برامجه البحثية بالتعليم والتعلم، وبأهم القضايا اللغوية الراهنة التي تتعلق بمسائل وضع المناهج وتطويرها، وسياسات التخطيط اللغوي بالعالم العربي.

المساهمون