هل قلتم سمبوزيوم؟

هل قلتم سمبوزيوم؟

23 فبراير 2019
ريتا ميلي/ لبنان
+ الخط -

أطلق الإغريق مصطلح "سمبوزيوم" لتعني الجلسة التي يتحلّق فيها المتحاورون حول الشراب، وتدور أحاديثهم حول الأدب والفن والفلسفة والمجتمع، وكانت تحمل اسم المضيف الذي يدعو عدداً من النخبة للاجتماع حول قضية أو حدث بعينه.

في العصر الحديث، اقتصر استخدامه لوصف ندوة يشارك فيها متخصّصون في الحقل المعرفي والإبداعي ذاته لنقاش موضوع محدّد، وارتبط بـ الفنون على نحو خاص لاستيعابها أكثر فكرة بناء العمل والتحاور حوله.

عربياً، ظلّ السمبوزيوم حتى وقت قريب ملتصقاً بالمؤسسة الرسمية في معظم البلدان، إلى أن برزت مؤسسات خاصة وجمعيات وشركات أسّست عشرات الفعاليات التي تقوم على التقاء عدد من الفنانين لإعداد أعمال تُعرض في يوم الختام.

في حديثه لـ"العربي الجديد"، يشير الفنان التشكيلي العراقي هاني الدلة إلى أن هناك سمبوزيومات عربية "استطاعت أن تكرّس أعرافاً وتقاليد راسخة في التعامل مع الفنانين المشاركين فيها، وتدير فضاءات لائقة لإقامة ورشات توفّر الأدوات والمواد المستخدمة، خلافاً لملتقيات تجارية عديدة أنشئت في السنوات الأخيرة".

ويوضّح أن "منظّمي هذه التظاهرات التجارية يسعون إلى استضافة بعض الفنانين لقاء مبلغ يسدّد لهم، أو يستغلون فنانين آخرين عبر الحصول على أعمالهم التي تُنجز خلالها مقابل إقامتهم، وغالباً ما يتمّ عرضها بمكان وطريقة غير مناسبين، ما يقلّل من قيمتها، ويؤدي إلى تراجع في الحركة الفنية العربية".

عند تصفّح إعلانات أكثر من سمبوزيوم عربي على وسائط التواصل الاجتماعي، لا نقع على تعريف بالمدعوين، وعند البحث عن أسماء بعضهم لا نعثر على أية تجربة سابقة لهم، كما لا توجد رؤية واضحة أو ثيمة معينة يجتمع حولها الفنانون، ولا ينظّم معرض يضمّ أعمالهم خلال مدّة إقامتهم.

من جهته، يرى الفنان والكاتب الأردني حسين نشوان أن "هناك غياباً لمفهوم المنتديات الثقافية الفنية في الأردن والعالم العربي، وإن تكاثرت كالفطر، ما ينعكس على المنتج الثقافي والفني وجودته، وطبيعة الأهداف المرجوة التي يمكن أن تصب في الفعل الجمالي وفكرة الفن كفعل تنويري حواري".

يلفت صاحب كتاب "إسماعيل شموط.. سيرة الحياة واللوحة"، إلى أنه "على كثرة الهيئات في الأردن التي بلغت أكثر من 600 مؤسسة غالبيتها في العاصمة عمّان، إلا أن حصادها لا يتجاوز النشاطات التقليدية التي تتشابه جميعاً في عناوينها بين محاضرات وندوات تخفي لهيئاتها القيادية نزعة البحث عن البرستيج والوجاهة".

ومن تلك النشاطات التي غدت أقرب ما يكون للطابع الربحي، بحسب نشوان، تنظيم السمبوزيوم (الورش الفنية) التي تقيمها بعض الهيئات الفنية وانحرفت عن أهدافها، وغدت نوعاً من التجارة والبزنس والربحية التي تتم فيها دعوة عدد من الفنانين لإنتاج أعمال فنية لمصلحة الهيئة التي في الغالب تقوم بالاتجار بها.

يختم نشوان: "الكارثة في أن بعض الهيئات التي تنظّمها لا تعرف عن الفن شيئاً، وهي ليست مهيأة لتنظيم مثل تلك النشاطات، ولا حتى عن مفهوم السمبوزيوم الذي يهدف إلى الارتقاء بالفن من خلال الحوار بين الأجيال (المحترفين والشباب) وأحياناً تشوب المشاركات الكثير من الخلافات والفضائح".

المساهمون