الهادي ثابت: في مضائق الخيال العلمي

الهادي ثابت: في مضائق الخيال العلمي

22 فبراير 2019
الهادي ثابت، 2018
+ الخط -

يكاد لا يختلف اثنان على أن الجنس الأدبي المعروف باسم الخيال العلمي لم يتأصّل عربياً رغم الكثير من المحاولات الإبداعية في إطاره، وأيضاً ترجمة جزء من مدوّنة هذا النوع الأدبي الذي يَعرف في الغرب وفي اليابان شعبية ظلّت تتجدّد إلى يومنا، وذلك منذ القرن التاسع عشر.

ليست تونس استثناءً في ذلك. وقد برز ضمن مشهدها الأدبي اسم الهادي ثابت (1942) ككاتب كرّس تجربته لرواية الخيال العلمي، منوّعاً الشريحة التي يتوجّه إليها من الأطفال واليافعين إلى رواية الخيال العلمي الموجّهة للكهول، أي ذات الخطاب السياسي والثقافي المعمّق. ومن جانب آخر، تنوّعت مرجعياته من استثمار مقولات العلم الحديث إلى إعادة قراءة التاريخ بمفردات أدب الخيال العلمي مروراً بالمخيال الشعبي من خرافات وأساطير.

في "مدينة العلوم" في تونس العاصمة، يحاضر ثابت اليوم (الجمعة) بداية من الساعة الثالثة ظهراً، حيث يقدّم نظرة عامة على تاريخ الخيال العلمي واهتماماته واتجاهاته، انطلاقاً من تجربته الشخصية في هذا المجال.

منذ ثلاثة عقود على الأقل، يُعتَبر الهادي ثابت "ممثّل" رواية الخيال العلمي في تونس، وليس من الخاطئ القول بأنه الممثّل الوحيد لها، وهي وضعية تؤكّد أن الخيال العلمي في تونس لم يتأسّس بعد كجنس أدبي، رغم أن ثابت بمفرده قد راكم مدوّنة كبيرة بأعمال مثل: "غار الجن" (1999)، و"جبل عليين" (2001)، و"القرنفل لا يعيش في الصحراء" (2004)، و"لو عاد حنبعل" (2005)، و"الاغتصاب" (2008)، و"معبد تانيت" (2012)، و"مدينة النهار الأزلي" (2015)، و"عصير الهواء" (2017).

لكن يظل السؤال هنا: هل يمكننا الحديث عن جنس أدبي بمؤلّف واحد؟ وإذا كان ثابت يحظى في كثير من الأحيان بلقب "رائد الخيال العلمي في تونس"، أليس في ذلك شيء من التجاوز بما أن تجربته لا تجد استمرارية في تجارب أخرى لكتّاب صاعدين، ولا شكّ أن بعضهم قرأ في سنوات يفاعته نصوص ثابت، كما أنها لم تغر كتّاباً آخرين من جيله لخوضها. وفي كل ذلك، لا يمكن تحميل ثابت مسؤولية أكبر من المثابرة في الإنتاج الروائي، وهو ما يشير ربما إلى وجوب توفير عوامل كثيرة في انتظار تأصيل هذا النوع الأدبي.

وإذا كنا لا نجد تجربة إبداعية أخرى في تونس تشتغل على الخيال العلمي، فإننا أيضاً حيال غياب متابعة نقدية أو بحثية حول قضايا هذا النوع الأدبي، كما لا نجد تقاطعات بينه وبين مجالات إبداعية أخرى كالمسرح أو الفنون التشكيلية أو حتى السينما التي تمثّل منذ عقود طويلة رافداً أساسياً في عوالم الخيال العلمي.

المساهمون