إل أناتسوي.. استعادة اللغة بالفن

إل أناتسوي.. استعادة اللغة بالفن

06 أكتوبر 2019
(من افتتاح المعرض في "متحف" بالدوحة)
+ الخط -

ينشغل إل أناتسوي في تجربته بفكرة اللغة واستكشاف كيفية حدوث التواصل وماذا يعني له كفنان تعود جذوره إلى إمبراطورية آشانتي التي تأسّست في القرن السابع عشر في الغرب الأفريقي، قبل أن تخضع للاستعمار البريطاني الذي همّش لغتها المعروفة باسم "أدينكرا".

وجد الفنان الغاني (1944) في هذه الرموز التي لا تزال منقوشة على الأزياء والأواني الفخارية إلى اليوم، وتعود إلى ذلك النظام اللغوي الذي عرفته القارة السمراء من دون تقاليد كتابية (أبجدية)، مفهوماً أساسياً يقدّمه في منسوجاته ومنحوتاته الخشبية، في عملية استرجاع ثقافي مضاد لإرث الكولونيالية.

"مستوى النصر" عنوان معرضه الجديد الذي افتتح مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الجاري في "متحف: المتحف العربي للفن الحديث" في الدوحة، ويتواصل حتى الحادي والثلاثين من كانون الثاني/ يناير المقبل، ويضمّ أعمالاً تقرأ التاريخ السياسي والاجتماعي في أفريقيا.

تحيل أعماله، التي صنعها من الخشب والفخار بداية ثمانينيات القرن الماضي، إلى معانٍ متعدّدة تتصل بتجارة الرقيق التي مارسها الرجل الأبيض حين أخضع السود في بلادهم لسلطته، وقطع أشجار غاباتهم ليصنع منها السفن لترسلهم عبر المحيط الأطلنطي إلى "العالم الجديد".

يشتمل المعرض الاستعادي على المواد والخامات كافة التي استخدمها الفنان في محطات مشواره الممتدّ خمسين سنة، ويشكّل "شهادة استثنائية لتجربة فريدة وجديدة كليّاً تبنّاها أناتسوي على مستوى الشكل النحتيّ واللغة البصرية، بحيث إن المواد التي استخدمها في أعماله أتت حصيلة لما اختبره في مرحلة الإنتاج الإبداعي"، بحسب بيان المنظّمين.

يلتقط الفنان كلّ الأشياء التي تُستعمَل في الحياة اليومية كوسائط في أعماله، مثل مدافع الهاون وعلب الحليب وألواح الطباعة وأغطية الزجاجات التي تحتاج إلى عمل يدوي مضنٍ لتسطيحها ثم تقطيعها وتقويسها، وكذلك استخدام أسلاك نحاسية لربط العناصر ببعضها وتقديم بانوراما تاريخية شاملة للتنوّع والإبداع في تقاليد المجتمعات الأفريقية.

في عمله الشهير الذي قدّمه من أغطية الزجاجات عام 2000، قارب أناتسوي فكرة مركبة من تاريخ العنف، تتعلّق بتبادل البضائع والبشر بالإكراه أثناء حقبة الاستعباد بين أورويا وأفريقيا والأميركيتين، حيث كانت تُجلب المشروبات الروحية من جزر الهند الغربية في الكاريبي لتباع في القارة السمراء التي يُقاد أبناؤها ليباعون هناك.

اختبر في هذه الأعمال العديد من القيم التي قد لا يفهمها غير الأفريقي، مثل الرجولة والانتماء إلى القبيلة وتأثيراتها في الثقافة مع تغيّر الزمن، وكذلك على مستوى المواد المستخدمة التي جعلها لا تخرج عمّا قدّمته الفنون الأفريقية التقليدية على مرّ التاريخ، وفي مقدّمتها الخشب والجلد والريش.

يقدِّم المعرض أيضاً، بحسب القيّمين عليه، "أفكاراً ومفاهيم أثْرت ممارسته الفنية بما انطوت عليه من خامات، بدءاً من أعمال نقش خشبي نافر متعددة الألواح ودائرية الشكل، مروراً بالفخاريات والخزف، ووصولاً إلى المنحوتات المعدنية".

يُذكر أن قيِّمَي المعرض هما أوكوي إنويزور، وشيكا أكيكي - أغولو، وهو ينظَّم بالتعاون مع متحف "هاوس دير كونست" في ميونخ، و"متحف بيرن للفن"، و"متحف غوغنهايم بلباو".

المساهمون