جميل ملاعب.. دخل الطبيعة ولم يخرج منها

جميل ملاعب.. دخل الطبيعة ولم يخرج منها

07 يناير 2019
(جميل ملاعب أمام إحدى لوحاته)
+ الخط -

أقام الفنان اللبناني جميل ملاعب في شتاء 2018 معرضه المعنون "القدس" في غاليري "جانين ربيز"، وفيه كانت الأعمال كلها عن القدس، الحاضرة العربية المحتلة، عمارة وسكاناً وانتفاضة وثورة.

يؤمن الفنان أننا من "نخلق المعاني" وأن أهم هذه المعاني هو الجمال، ووسيلته إلى الجمال هو الرسم، وكذلك الحفر والذي قدم براهينه الجمالية عليه في معرض "حياة تستحق العيش"، وعنه يقول "ماذا تقدم الصورة إلا تلخيصاً لحقيقة ما قد تكون جزءاً من ثانية من التاريخ، أما الحفر فيلخص مشهداً ويكثفه عبر السنوات في لوحة".

جميل ملاعب، الذي أعلن "المنتدى الثقافي اللبناني" في باريس، أياماً قليلة قبل ختام 2018، عن منحه "جائزة الإبداع اللبناني"، من مواليد قرية بيصور اللبنانية عام 1948 والتي ما زال يعيش فيها إلى اليوم، وقد أقام فيها قبل سنوات متحفاً خاصاً لأعماله يحمل اسمه، ويقيم فيه مهرجاناً لموسيقى الحجرة يقام كل عام ويجلب إلى البلدة زوّاراً جدداً ويحييها بالفن والموسيقى.

اشتغل ملاعب أيضاً في النحت، وبدأ مع الخشب قبل أن ينتقل إلى الألمنيوم ثم الرخام، ومعظم أعماله النحتية يعرض في متحفه. لم يمنع الفنان نفسه من شيء في الرسم، لم يحرم ريشته من تجربة، أو يقصيها عن مدرسة.

غير أن هذا لا يعني أنه فنان بلا هوية تشكيلية، بل إنه صاحب بارزة الملامح ويمكن أن تُميّز لوحته من أول نظرة حين تقع عينك عليها؛ من ذلك المرح اللوني والوجوه الأيقونية؛ من حبه لاكتظاظ التفاصيل دون أن تثقل اللوحة أو العين؛ بمدرسته الموزاييكية والمونوكرومية حيث كل لوحة مجموعة من المقاطع التي تشكّل بمجموعها عملاً متكاملاً.

لا يخلو معرض لجميل ملاعب من رسومات الطبيعة والطبيعة الصامتة، تنعكس فيها أجواء قريته وبيته المطل على الجبال، بالنسبة إليه "الحياة لا تكتمل خارج الطبيعة، لقد دخلتُ الطبيعة ولم أخرج منها"، واستطاع الفنان من خلالها تفسير الضوء والظل والصورة والمعنى.

قبل أن يهاجر ملاعب من لبنان، كان تلميذاً لشفيق عبود وبول غيراغوسيان، حيث درس الفن في المعهد الوطني للفنون الجميلة في بيروت، لكنه قرر السفر وتجربة العيش في الجزائر التي أقام فيها مدة قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة في مطلع الثمانينيات، حيث درس الغرافيك في نيويورك وأكمل الدراسات العليا في أوهايو، وقد تركت مرحلته الأميركية والمكان الأميركي أثرهما في جزء من تجربته، ونستذكر هنا معرضه "نيويورك نيويورك".

أما قرار المهاجر بالعودة إلى لبنان فبدأ مع نهايات الحرب عام 1989، ومنذ أن رجع إليه بدأ في التعليم في الجامعة اللبنانية الأميركية، واللبنانية، إلى جانب معارضه المتعددة المواضيع والتي تكاد أن تكون سنوية، رسم ملاعب نيويورك وناطحاتها والقرية اللبنانية وبيوتها الصغيرة والطبيعة وحشوداً غريبة من العصافير والقدس.

المساهمون