إنعام كجه جي: خمسون صندوقاً من القاهرة إلى بيروت

إنعام كجه جي: خمسون صندوقاً من القاهرة إلى بيروت

26 يناير 2019
(وديع فلسطين)
+ الخط -

تلتقط الروائية العراقية، إنعام كجه جي (1952)، قصّةً من الذاكرة الأدبية العربية طاولها النسيان، لتصنع منها فيلماً وثائقياً قصيراً لا تتجاوز مدّته ثلاثين دقيقة. إنها قصّة المراسلات الثقافية التي تبادلها الكاتب المصري وديع فلسطين (1923) مع شخصيات ثقافية عربية، والمكتبة الضخمة التي انتقلت من القاهرة إلى بيروت؛ بعد أن أهداها إلى تلميذته وصديقته الصحافية اللبنانية المصرية سلمى مرشاق سليم.

وكأنَّ كجه جي، صاحبةَ الحس الصحافي الممتزج بالقصّ والأدب، والذي نلمسه في مقالاتها، كتبت مقالاً بصرياً على شكل فيلم سينمائي أعدّته وأخرجته تحت عنوان "هدية وديع إلى سلمى". نسمع النصّ بصوت نادرة الديب، ونرى المشاهد التي التقطتها ومَنْتَجتها هلا خمارو. إنه فيلمٌ صنعته ثلاث نساء معاً، بالفكرة والصوت والصورة.

يتمتّع هذا النوع من الأعمال بخصوصيةٍ تفتقر إليها الوثائقيات العربية التي نادراً ما تلتفت إلى تاريخ الأدب وما يحدث فيه من قصص صغيرة تشير إلى الكثير من التغيرّات الاجتماعية والأفكار الجديدة والعلاقات الإنسانية.

الهدية التي تتحدّث عنها صاحبة "الحفيدة الأميركية" (2008) هي مكتبةُ وديع فلسطين التي تضمّ بين محتوياتها إصدارات قديمة ونادرة بين كتبٍ ودوريات، إلى جانب كنزٍ من الرسائل التي تبادَلها مع أبرز الكتّاب البارزين في الثقافة العربية خلال فترة تجاوزت ستّين عاماً؛ حيث وضعَها بين يدَي سلمى مرشاق سليم؛ طالبتِه في الجامعة الأميركية بالقاهرة، حيث كان يُدرّس مادة التحرير الصحافي على مدى عشر سنوات بين عامَي 1948 و1958.

نشأت علاقة صداقة وطيدة بين فلسطين ومرشاق، استمرّت حتى بعد عودة الأخيرة إلى بيروت في الخمسينيات، مع زوجها المحامي اللبناني محسن سليم.

تُقابل كجه جي فلسطين فيحكي عن مكتبته الكبيرة وكيف جمعَها وكوّنها على امتداد ثمانين عاماً، كما يتطرّق إلى الأسباب التي جعلته يُفكر في إرسال الرسائل إلى سلمى وقد تجاوز اليوم التسعين من العمر. في مشهد آخر، سنرى سلمى منهمكةً في بيتها الكائن بحارة حريك ببيروت، بتصنيف مراسلات وديع فلسطين؛ حيث تقف بين خمسين صندوقاً، تنفض عنها الغبار وترتّبها، لتعثر على رسائل كانت كتبتها إلى أستاذها ونسيتها.

نعرف أن وديع فلسطين تعرّض في 2017 إلى اعتداء أُشيع وقتها أن مذكّراته التي سجّل فيها لقاءه مع حسن البنا سرقت خلاله. ورغم أنه لم ينفِ ذلك ولم يؤكّده، إلّا أن مقرّبين منه أعلنوا حينها أنه لم يكتب أيّ مذكرات، وكان أحدثَ ما أصدره عام 2003، كتابٌ في جزأين بعنوان "وديع فلسطين يتحدّث عن أعلام عصره"، يوثّق فيه علاقاته بمئة شخصية من الكتّاب العرب منهم من كان في بلاده ومنهم من يعيش في المهجر.

يُعرَض الشريط في "بيت السناري" بالقاهرة، عند السادسة من مساء بعد غدٍ الإثنين، ويتبع العرضَ نقاشٌ مع المخرجة يديره الصحافي المصري سيّد محمود.

المساهمون