شعر على الجدران

شعر على الجدران

07 سبتمبر 2018
سمير سلامة/ فلسطين
+ الخط -

فجرَ أحد الأيام من عقد السبعينيات، استيقظت الأم منيرة محمود حسن (نجد، 1924) على بنادق رشّاشة لدوريتين عسكريّتَين، داخل فناء البيت، يتقدّمهم ضابط "شاباك".

أخذوا ابنها ذا الستة عشر عاماً، ومضوا.
التهمة: التحريض = كتابة الشعر على الجدران، وفي المناشير.
الحكم: 6 شهور سجناً، مع تعذيب لمدة 13 يوماً.
أجهشت الأم الصلبة عادةً، وأصيبت بقرحة المعدة، فنامت ثلاث ليال بمستشفى في العريش.

خرج الولد من السجن، وقد تغيّر جذرياً.
انتهت طفولته، وبدأ مرحلة رجولة مبكرة، مسؤولة، سياسياً واجتماعياً، لكنه كطالب، لم يعد يؤمن بجدوى الدراسة: بجدوى أي دراسة.

دخل سوق العمل الأسود، وتزامن دخوله مع قراءات مكثّفة في الشيوعية والأدب.
اليوم يتذكّر كل هذا ويشكر ضابط المخابرات الغندور ذاك.

- هل تريد تخريب الدولة؟
- رغبت فقط في التنفيس عن القهر بزفرة.
ألا تفكّر في مستقبلك، ونهايتك؟
ـ النهايات، كما البدايات، حظ.

فهو، على العكس مما قصَدَ، صانع تلك الانعطافة التي لا تزال مستمرّة.
الرحمة لذكرى ذلك الجيل من الأمّهات العظيمات.
والخلود لفلسطين، معافاة من النقصان والنزْف.


المساهمون