مي سكاف.. قبل أن تُحاكِم الجلّاد في المسرح

مي سكاف.. قبل أن تُحاكِم الجلّاد في المسرح

26 يوليو 2018
سيف الدين طحان/ سوريا
+ الخط -

تسبّب رحيل الفنّانة السورية، مي سكاف (دمشق 1969 – باريس 2018)، المفاجئ، بصدمةٍ كبيرة لكل من عرفها أو عرف شيئاً من سيرتها الشخصية التي تروي الكثير عن الشجاعة والنقاء. الحزن العام المخيِّم على أوساط كثيرة من السوريين يؤكّد أنها كانت قريبةً من الجميع.

يُمكن القول إن سكاف لم تكن، فحسب، قريبةً جدّاً من السوريّين، بل إنها ساهمت في التأثير على وجدانهم خلال السنوات السبع الماضية.

قبل الثورة السورية، لم يتمكّن التلوّث العام من أن يطول شخصيتها. ومثل عددٍ قليل من الفنّانين السوريّين، بقيت وفيةً لمشروعها ولموهبتها، ومناضلةً من أجل فضاء "تياترو" الذي عملت على أن يكون ورشة عمل متواصلة مع الممثّلين الشباب.

حاربت مي، حتى النفس الأخير، المصاعب المزروعة في طريقها، كونها صاحبة مشروع مستقلّ لا يمر عبر مؤسّسات النظام الفاسدة، أو مكاتب المخابرات الوصية على كل شيء.

شاركت في الثورة، وكانت إحدى بطلاتها، وأحد أصواتها الحيّة. تحلّت بعزيمة لم تكلّ، كانفعالها الذي لم يخفت، رغم كل الأهوال الشخصية والعامّة من حولها.

خطابُها ظلّ ذاتَه رغم تغيّر العالم كلّه من حولها. بالنسبة إليها، القضية غير قابلة للمساومة. خلال سبع سنوات، ظلّت المسألة شديدة الوضوح في عينيَها: "هذا النظام مجرم. انتهى الأمر!". ودائماً ما تكون في غاية الانفعال والغضب عندما تضطرّ لتكرار الحديث حول ما تعتبره أموراً بديهية.

في ذكرى "مجزرة الكيماوي"، قدّمت الممثّلة مع شبّان سوريين عرضاً مسرحياً في الهواء الطلق بباريس. وهم يُجسّدون مشهد الاختناق في تلك اللوحة الفنّية، بدوا كما لو أنّهم يختنقون فعلاً.

في لقائي الأخير معها، كانت بالطاقة والعزيمة اللتين عُرفت بهما دائماً... تحدّثت عن استعداداتها لتحضير عملٍ مسرحي في فرنسا، وبدت متحمّسةً جدّاً لمسرحية "الموت والعذراء" للتشيلي أرييل دورفمان. لم تكن متحمّسةً لغير هذا النص.

حتى حين قرّرت مي سكاف أن تعود إلى الفن الرابع، كان خيارها نصّاً مسرحياً يُحاكم المجرم (وهو في المسرحية جلّاد مغتصب) بشكل علني، من قِبل الضحية... على الخشبة وأمام الجميع.

المساهمون