"عتبات" مطيع مراد: في هندسة المطلق

"عتبات" مطيع مراد: في هندسة المطلق

25 يوليو 2018
(من المعرض)
+ الخط -

بدأ الفنان التشكيلي السوري مطيع مراد (1977) تجربته العقد الماضي برسم بورتريهات مشوّهة وعمياء لبشر خائفين وقلقين لكنهم مطمئنين لمصيرهم بلا تعابير رفض واحتجاج، قبل أن ينتقل منذ سنوات إلى مناخات تجريدية بألوان حيادية وباردة.

في معرضه الجديد "عتبات" الذي يتواصل في "غاليري أيام" في بيروت حتى الحادي والثلاثين من الشهر الجاري، ويضمّ مختارات من أعمال سبق أن عرض بعضها في الغاليري عام 2016، يغلب عليها اللون الوردي بتدرّجاته حول شبكة من الخطوط السوداء هي مركز اللوحة.

تتكئ رؤية الفنان على قوانين هندسية مستمدّة من الزخرفة الإسلامية التي تقوم على معادلات صارمة تتحكم باللون وإيقاعاته، ضمن منظور لا بداية ولا نهاية له تعبيراً عن فكرة المطلق الأزلي، في لعبة إظهار التضاد والتقابل والتناظر في العناضر المكوّنة للعمل.

يشتغل مراد على جدلية الحركة والثبات ضمن حسابات قائمة على العلاقات وتناوب الخطوط الحارة والخطوط الباردة التي جرى تقديمها في العمارة والأرابيسك حيث تحمل تأويلاتها في تداخل التضادات كالمؤنث والمذكر واللغة التجريدية في محاكاة المجسّم والتحايل عليه، وإيجاد صيغة تلاقٍ بين ما هو مقدس وما هو أرضي.

يشير في تقديمه للمعرض أنه "بنى أعماله على "متتالية" فيبوناتشي الرقمية (نسبة إلى عالم الرياضيات الإيطالي ليوناردو فيبوناتشي) كنقطة انطلاق من النظرية تقوم على إخفاء جزئي للتفاعلات في ما بين المُضلعات والخطوط فتشكل إيهاماً بالعمق".

تبرز تلك الأشكال الوهمية وثلاثية الأبعاد لمجسمات تبدو جزءاً عضوياً لا تنفصل عن اللوحة، في بناء بصري يزيغ النظر عند مشاهدته لأول مرة، ما يتطلّب تأملاً أعمق لإدراك هذا العالم الهندسي البالغ التجريد والذي يوحي بانه متحرّك وفق حسابات دقيقة.

تستند اللوحات المعروضة إلى فرضية أساسية تعتمد وجود حيزين داخلها، وبذلك يكون يشكّل التشابك بينهما لحظة الوصل ين المكان والزمان، والتي تبدو محاولة لتطوير رؤية تدمج الشكل بالروح من خلال الذهاب نحو المطلق والسكون كمحلة نهائية للعمل الفني رغم انه يثير بداية توتراً عالياً تجاهه.

المساهمون