مسرحة الرواية المغربية: نصوص من الراهن وعنه

مسرحة الرواية المغربية: نصوص من الراهن وعنه

14 يوليو 2018
مشهد من مسرحية "نسيان" للمخرج مسعود بوحسين
+ الخط -

محمد عزيز الحبابي، ومحمد شكري، والميلودي شغموم، ومحمد برادة وغيرهم؛ روائيون مغاربة أمست نصوصهم السردية تتحقق على الخشبة، ساهم في ذلك انفتاح مسرحيي المغرب في السنوات الأخيرة على مسرحة الرواية.

ولعل التخوف الذي كان يعبر عنه في نقاشات المسرحيين حول "النص الدرامي"، بفعل حضور طاغٍ لعمليات الاقتباس داخل المشهد، أفضى اليوم الى تشكل رؤية جديدة للتأليف المسرحي بخصوصيته المغربية.

مسرحية "نسيان" لفرقة المسرح المفتوح، والتي قُدّمت مؤخراً، في "المركز الثقافي" بالقنيطرة، تمثل هذا التقاطع و"الزواج" المفترض، بين المسرح والرواية المغربية؛ فيها اشتغل الكاتب المسرحي عبد الإله بنهدار على نصين روائيين للكاتب المغربي محمد برادة "لعبة النسيان" و"امرأة النسيان"، وأخرج العمل مسعود بوحسين.

هذه ليست المرة الأولى التي يحول فيها بنهدار نصاً روائياً مغربياً إلى عمل مسرحي، إذ سبق له أن قدّم رواية "شجرة الخلاطة" للميلودي شغموم على المسرح بعنوان "عيوط الشاوية".

هذا العبور للنص الروائي، من متخيل الرواية إلى "متخيل العرض المسرحي"، تحكمه العديد من الآليات الجمالية، فلا يتوقف الأمر عند "تحويل النص"، بقدر ما هي آلية دراماتورجية تتطلب وعياً بالكتابة الدرامية، لتتلوها "كتابة ركحية"، تقع على مسؤولية المخرج المسرحي.

من النصوص السردية التي حوّلت مؤخراً إلى مسرح عمل للمخرج بوسلهام الضعيف بعنوان "كل شيء عن أبي" وهو مقتبس عن رواية أخرى لـ برادة وهي "بعيداً عن الضوضاء قريباً من السكات"، إلى جانب عمل "صولو" لفرقة "أكون للثقافة والفنون" والتي أُخذت من النص الروائي "ليلة القدر" للطاهر بنجلون، وقبلهما مسرحية "إكسير الحياة" لمحمد عزيز الحبابي للمسرحي الراحل محمد سعيد عفيفي، وكذلك "الخبز الحافي" لمحمد شكري التي قدمها إلى المسرح الكاتب الزبير بن بوشتى، وأيضاً "الأشجار واغتيال مرزوق" لعبد الرحمن منيف والتي قدمها المسرحي الراحل حوري الحسين.

هذه النماذج وغيرها تأتي في سياق تحرّر "النص الدرامي" من "سلطة" ظلّ محكوماً بها، خصوصاً عندما يتم الحديث عن مرجعيات المذاهب المؤسسة للمسرح الحديث، سواء في بعدها الأيديولوجي أو المعرفي الجمالي.

فهل أمسى المسرح المغربي، يرغب في القطيعة مع معالم بريشت وأرتو وونوس، إلى جانب التجارب التي راكمها أيام حراك "مسرح الهواة وبياناته"، أم أن الأمر يتطلب البحث عن مواضيع تستجيب لبعض من التحولات التي شهدها المغرب، وتسافر بالنصوص نحو عوالم جديدة، ومنها المتخيل الروائي اليوم المشبع بالكثير من المواضيع الراهنة؟

لسنوات، ظل النقاش يتكرر حول أزمة النص الدرامي، ودوافع اللجوء باستمرار إلى الاقتباس عن نصوص مسرحية عالمية أو ترجمتها، ما دفع المسرحيين إلى "مغربة" نص درامي يستجيب لصورته الفعلية الداخلية، ويأتي ضمن مسار البحث عن مسرح قادر على بلورة إجابات وأسئلة للواقع المغربي اليوم، في تناقضاته ومفارقاته، وتطوير آليات إخراجية جديدة، تواكب تجارب "الحساسية الجديدة في المسرح المغربي".

المساهمون