"ما بعد زانغ تمب تم": المتأرجحون بين روما والمستقبلية

"ما بعد زانغ تمب تم": المتأرجحون بين روما والمستقبلية

23 يونيو 2018
من المعرض
+ الخط -

في الدراسات التي تؤرّخ للفن في معظم البلدان التي حكمتها أنظمة شمولية، كثيراً ما أشار الباحثون والمؤرّخون بوضوح إلى هيمنة نمط واحد في العمارة أو الأدب أو التشكيل أو الموسيقى تفرضه الأنظمة، وهو ما حدث في ألمانيا زمن حكم النازيين أو في الاتحاد السوفييتي أثناء مرحلته الستالينية، وبدرجة أقل في إسبانيا زمن حكم فرانكو.

تبدو إيطاليا مختلفة في هذا السياق، حيث ظهرت الفاشية أثناء الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) وقد بدت ضعيفة ومتناقضة في خطابها منذ بداياتها عبر إصرارها على الجمع بين النظام الملكي والثورة من جهة، وعدم امتلاكها أيديولوجية واضحة تبشّر بها، فانعكس ذلك على الفنانين والكتّاب الذين تأرجحوا بين خطاب يحاول استعادة روح الإمبراطورية الرومانية وتقاليدها، وبين خطاب يدافع عن فن طليعي يتحرّر من قيود الماضي.

"ما بعد زانغ تمب تم. الفن والحياة والسياسة: إيطاليا 1918 1943" عنوان المعرض الذي يتواصل في "مؤسسة برادو" في مدينة ميلانو الإيطالية حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وهو يستند إلى قصيدة "زانغ تمب تم" التي ألّفها الشاعر والمنظّر الإيطالي، مصري المولد، فيليبو توماسو مارينيتي، وصدرت في كتاب عام 1914، واعتبرت نقطة مرجعية لانطلاق الحركة المستقبلية في بلاده.

اختار المنظّمون 700 عمل لأكثر من مئة فنان من خلال بحث اعتمد على دراسة للوثائق والصور الفوتوغرافية التي تتناول تلك المرحلة، في محاولة لكشف المسارات التي أخذها الفن ومختلف المجالات الثقافية وعلاقة كلّ ذلك بالحياة العامة والسياسة في إيطاليا ما بين الحربين العالميتين.

اللوحات والمنحوتات والرسومات والصور والبيانات والمشاريع المعمارية المعروضة توضّح السياقات الاجتماعية والثقافية التي أنتجت عدداً من الأعمال المؤسسة في الفكر والفن الإيطالي، وحضور عالم المال في حياة النخب في إطار تنظيم العلاقات بين الفنون والحرف والصناعة، وتحقيق رغبة الجماهير في تجسيد السياسة الفاشية.

يسلّط المعرض الضوء على أحداث بارزة طبعت تلك المرحلة، منها "معرض الثورة الفاشية" عام 1932، ومعرض القوتين الجوية والبحرية الإيطاليتين عام 1934، والمعرض الوطني للرياضة عام 1935، وصولاً إلى نهاية حكم موسوليني (1883 - 1945).

كما تُعرض أعمال فنانين مثل جاكومو بالا، وكارلو كرّى، وفليتشى كازوراتي، وجورجو دي كيريكو، وفرتوناتو دابرو، وفليبو دي بيزس، وآرتور مارتيني، وفاوستو ميلُتّي، وجورجو موراندي، وشيبيوني، وجينو سفريني، وماريو سيروني، وآرتورو توزي، وأدولفو فيلدت، والاتجاهات التي حكمت تجاربهم كالنزعة المستقبلية، والمدرسة الرومانية، ومدارس التجديد، ومجموعة التجريديين.

المساهمون