محمد مكوار.. الجسد حروفاً وعلامات

محمد مكوار.. الجسد حروفاً وعلامات

16 يونيو 2018
(من المعرض)
+ الخط -
يواصل الفنان التشكيلي المغربي محمد مكوار اشتغاله على فكرة تشكّل الجسد، باعتباره مادة وصورة له تعكسها جملة رموز وعلامات، أو كما يفضّل أن يسميها "إخراج الجسد من المادة" وتفكيكه إلى مجموعة من المعطيات الحسّية من انفعالات وأفعال تؤلّفان هيئته الكلية.

في معرضه الجديد الذي افتتح الأربعاء الماضي في "المركز الثقافي الفرنسي" في الرباط ويتواصل حتى السادس والعشرين من الشهر الجاري، لا يبتعد عن هذه العوالم أو المناخات مع تركيزه على حضور شخوصه على نحو تجريدي خارج الزمن، وكأنها غير معنية إلا بذاتها وبعلاقاتها في ما بينها.

تعتمد لوحات مكوار على إدماج الحرف فيها، فيصبح جزءاً من الشخصية/ العمل ولا يحمل معنى مستقلّ لوحده إلا عبر حضوره كوحدة عضوية من تكوينها الذي يحيل إلى انسحاب وهروب من الواقع نحو الحلم أو الخيال كأنه تصوير افتراضي لهما.

تطرح الأعمال المعروضة تساؤلات عديدة حول ما تعيشه هذه الشخصيات من صراعات داخلية ضمن مستويات متعدّدة؛ البحث في حواس وغرائز الجسد البدائية وكأنها الخيط الرئيسي الذي يصلنا بالحياة، وصراع الجسد بين الأنا وآخرها التي تقوم على اتصال وانفصال دائمين، وما تمنحه من اقتراحات جمالية وهوّية بصرية تعبّر عنها.

هذه المواجهة الدائمة التي يعيشها الإنسان تبدو كمحرّك أساسي للفنان في بحثه الدائم عن ارتهان المرء لوجوده ورغبته في التحرّر منه، ضمن متوالية من الصعود والهبوط، والحركة والسكون، والدنيوي والروحاني، الحياة والموت، وغيرها من الثنائيات التي تحكم حياة البشر وأقدارهم.

وفي هذا الوجود، يتمزّق الجسد بين حالات الاغتراب والاستلاب والحنين في إطار حركته وتغيّراتها التي تشير إليها تلك العلامات والرموز والأصباغ والآثار التي تبرز تداخل الظل والنور وما ينتجان من إيقاعات مختلفة، وفي ملامح الوجوه ونظرات العيون في بؤر هي طبقات متراكمة فوق سطح اللوحة كلها توثق لترحال الذات وتداعياتها.

عبر هذا الترحال في الذاكرة والانفعالات والأحلام، يمنح مكوار أعماله بعداً غنائياً تشكّله أجساد تائهة تبحث عن نفسها في الداخل لا صلاتها بكلّ ما يفرض عليه من سلطة من خارجها.

دلالات

المساهمون