"بَر": في الخلاص من العمى الرمزي

"بَر": في الخلاص من العمى الرمزي

14 مايو 2018
(دلال فياض في مسرحية "الصامت")
+ الخط -
تُعرض عند الثامنة من مساء بعد غدٍ الثلاثاء في "المركز الثقافي الملكي" في عمّان مسرحية "بَر" للمخرجة الأردنية دلال فياض، المأخوذ عن نص "العميان" للكاتب البلجيكي موريس مارتلينك (1862 – 1949) في إعداد مشترك مع الفنان محمد الإبراهيمي، وهو مشروع تخرّجها الذي يشرف عليه الأكاديمي والناقد المسرحي عمر نقرش.

يشارك في التمثيل كلّ من المثنى القواسمة وهاني الخالدي وزين أنور، ومحمد المراشدة (إضاءة)، وعبد الرزاق مطرية (موسيقى ومكساج)، وموسى السطري (كوريوغرافيا مشهد الافتتاحية)، وغدير عواد (أزياء وإكسسوار).

يتناول النص مأزق مجموعة من العميان، في حالة انتظار، على جزيرة لا اسم لها، وفي غابة غير محدّدة، تقع على مسافة غير معلومة من مأوى، حيث هم تائهون، ولا يعلمون أنهم تائهون. جرى تحويل هذا النص إلى المسرح عشرات المرات، اتكأت على مضامينها الفلسفية الرمزية المتعدّدة رغم خلّوها من الحدث تقريباً.

في حديثها لـ"العربي الجديد"، تقول فياض "رغم أن النص الأصلي كُتب عام 1891، إلى إن وحدته الأساسية هي الإنسان، ويمكن تكييفه في أي مكان وأي زمان، حيث كل مقولة مشحونة بتساؤل فلسفي ومنها ""ليس النور بضروري للذين لا يبصرون"، في إشارة إلى أن العمى رمزي وليس عمى وظيفياً بيولوجياً، لذلك لم يظهر الممثلون على الخشبة عمياناً بل في عزلة تشكّل عماهم؛ في عدم قدرتهم على التواصل مع الآخر والتخاطب معه".

تضيف "خضع العمل لخمس مراحل من الإعداد، فبعد الاشتغال على الإطار النظري الذي استدعى عودة إلى مراجع عديدة في الرمزية في علم النفس والفلسفة والمسرح، ثم مناقشة البيئة الجديدة للعرض مع المشرف على مشرع تخرّجي، لينطلق مختبر مسرحي مع الفريق في بحث عن الشخصيات من الداخل، التي تنقسم إلى شخصية رافضة لواقعها، وأخرى مستسلمة إليه، وثالثة بين بين، واختبار الشعور والحس وتراسل الحواس والردود اللامتوقعة تجاه المواقف المتوقعة".

"المسرحية تطرح موضوع الهجرة غير الشرعية، حيث ترك الأوطان يمثّل هرباً من الموت عبر الموت إلى الموت، الذي يشكّل في النهاية خيار العمى"، بحسب المخرجة التي تلفت إلى أن "الإضاءة هي العنصر الأساسي لفضاء العرض حيث يغيب الديكور، ثم جسد الممثل في محاولة لإبراز الأبعاد المادية والطبقات الصوتية بين الممثلين وأجسادهم لخلق التفاوت".

استغرق العمل على المسرحية تسعة أشهر، وكانت رواية "العمى" لـ جوزيه ساراماغو مرجعاً إضافياً لما تحيل إليه من أفكار ومقولات تخدم الثيمة الرئيسية؛ سيكولوجية الخوف والأحلام المؤجلة غير القادرين على تحقيقها، إضافة إلى كتابة المخرجة للعديد من المونولوغات والحوارات التي تنتقل من مشهد إلى مشهد آخر.

تختم فياض بالإشارة إلى أن "البر هو دهشة الجمهور وليس انتهاء العرض المسرحي، والبر هو الأمان والنجاة في مرحلة مفصلية من حياة الإنسان وليس تخديراً موضعياً تصنعها أوهامه، بعيداً عن المضامين الدينية والسياسية المباشرة، عبر التركيز على المضمون الإنساني بالدرجة الأولى".

يُذكر أن دلال فياض نالت درجة جامعية في الاقتصاد، وأخرى في المسرح، وعملت ممثلة في العديد من الأعمال المسرحية؛ من بينها: "45 دقيقة لماري"، و"صوتان لصهيل واحد"، "وبعدين"، و"الطابعان على الآلة"، و"الصمت"، و"ظلال أنثى".

المساهمون