كورنيليا رومر.. إكمال ما تقوله البرديات

كورنيليا رومر.. إكمال ما تقوله البرديات

05 مارس 2018
(من المحاضرة، تصوير: العربي الجديد)
+ الخط -
الحديث عن تاريخ الحضارة اليونانية في مصر، كان مرتبطاً دائماً بالحديث عن تاريخ مدينة الإسكندرية، بينما لم تحظَ باقي المدن المصرية بتسليط الضوء عليها، وكيف كان تفاعلها مع الحضارة اليونانية الوافدة.

في محاضرة تحت عنوان "المؤسسات في قرى مصر البطلمية: بين البرديات والمكتشفات الأثرية"، التي عقدت قبل أيام (28 شباط/ فبراير) في "مكتبة الإسكندرية"، ركزت الباحثة الألمانية كورنيليا رومر Cornelia Römer، عضو "الهيئة الألمانية للتبادل العلمي" في "جامعة عين شمس"، على الآثار التي اكتشفت مؤخرًا في محافظة الفيوم ويعود تاريخها للعصر البطلمي.

رومر المتخصصة في علوم المصريات، كانت ضمن فريق "المعهد الألماني للآثار" الذي عمل لسنوات في التنقيب في الفيوم، والذي تمكن من اكتشاف العديد من الحفريات والآثار الجديدة من أبرزها بقايا "جيمنازيوم" كان مخصصًا لممارسة رياضات متنوعة مما يشير لوجود قرية أولمبية في هذا الموقع.

الموقع المكتشف حديثًا يقع بالقرب من منطقة بحر يوسف وبحيرة قارون، وهي مناطق طالما وُجدت في محيطها حفريات أثرية تعود للحضارة المصرية القديمة أيضًا. "تاريخ الفيوم يعود للعصر الحجري، وشهدت ازدهارًا كبيرًا في عصر بناة الأهرام، لكن في عهد البطالمة تغيّرت المدينة كثيرًا، ليس فقط على مستوى التخطيط والأبنية، ولكن في نمط الحياة أيضًا" تقول رومر.

وتوضح الباحثة أنه في عهد بطليموس الثاني جُفّفت مياه بحيرة قارون، وبنيت العديد من القرى الجديدة على طراز المدن اليونانية القديمة، من أبرزها كرانيس وتماينيس وفلادلفيا وأرسينوي. غير أن المحاضرة لم تقدم إجابات واضحة ومحددة حول المؤسسات في تلك المدن، بقدر ما فتحت الباب للبحث والتساؤل عن تلك الحقبة المهمة من تاريخ مصر والعالم.

تركز رومر في أبحاثها على طبيعة الحياة والسياق الاجتماعي، مشيرة إلى أن "ربط النصوص والبرديات بالمواقع الأثرية، يعطي مشهدًا أكثر حيوية عن الحياة في هذه الفترة، فالمواقع الأثرية ترسم أُطر هذه الحياة، بينما النصوص تتناول تفاصيلها وما يجري داخل المواقع".

وتكمل: "معظم البرديات، تخبرنا بتفاصيل قليلة، وعلينا أن نعمل على إكمالها، لذلك فالاكتشافات الأخيرة تطرح العديد من الأسئلة حول طبيعة الحياة بين المصريين واليونانين في الفيوم: كيف تفاعلت الحضارة القادمة من خلف البحر المتوسط مع الحضارة المصرية القديمة؟ إلى أي مدى حدث تزاوج وتداخل بينهما"؟

وتشير الباحثة إلى أن الأمور تبدو في الإسكندرية أكثر وضوحًا لأن اليونانيين أسسوا المدينة، ولم يسعَ أي من ملوك البطالمة لتعلّم اللغة المصرية القديمة، معتمدين على لغتهم، وطريقة الحكم والإدارة في المدن اليونانية التي تم تطبيقها في الإسكندرية، بينما في الفيوم كان المصريون هم الغالبية.

وتضيف: "الفيوم مكان مهم للغاية، ولم يحظَ بالاهتمام الكافي، وكلّما بحثنا نكتشف أموراً جديدة ومدهشة، لذلك فعملنا مستمر"، مؤكدةً أنه ورغم الازدهار الكبير في منطقة الفيوم خلال عصر البطالمة، إلا أنه لم يتبقَ منها سوى بقايا أثرية قليلة، فقد شهدت تدهوراً كبيراً في العصور الرومانية، بعد أن دمرت قرى كاملة وهجرها أهلها.

دلالات

المساهمون