خذلان المنفى

خذلان المنفى

27 مارس 2018
(بَييخو في رسم لـ رافو)
+ الخط -

سِسَر بَييخو (1892 ـ 1938) هو أكثر شعراء البيرو شهرةً، وأكبرهم على مرّ العصور. ونظراً لما قدمه لشعر القرن العشرين، من ابتكارات أصيلة، فقد بقيَ حيّاً في ذاكرة العالم، وإن ظلت بلاده تعامله كمَجد مُهمل.

يتميز شعره ببساطة اللغة وتعقيدها الوعر معاً، وأجواء خاصة، على الرغم من أنه أحد مؤسسي الحداثة في القارة اللاتينية منذ ديوانه الأول (1918).

تمكن بييخو مبكراً من تمييز كتابته عن جميع الشعراء، بحيث لا يُقارن مع أحد، لا في وقته ولا الساعة.

وبكل الأحول، فإنه يعتبر من أوائل الشعراء الذين عرفوا كيفية استقبال التيار الطليعيّ وتوطينه في القارة اللاتينية. فإرثه ينطوي على مناخات فريدة شديدة المحلّية، سيلتحق بها ويقلّدها العديد من لاحقيه.

لقد رنا دائماً إلى القارة العجوز، وعندما وصلها أخيراً، شعر شعوراً خلّباً أنه قريب ـ أقرب من أي وقت مضى ـ من أحلامه ورغباته، ولذا لم يفكر في العودة إلى وطنه.

لكن منفاه خذله، ولم يقدم له غير الإهمال والأرق، سواء في إسبانيا وروسيا، أو في فرنسا: محطته الأخيرة التي قضى فيها شبه متشرّد وجائع.

ثم جاء خذلانه الأخير والكبير على يد زوجته جورجيت، حين أصّرت على دفنه في مقبرة مونبرناس.

وهكذا، بقي الشاعر في أرض الموت تلك، غريباً ومخذولاً، منذ ثمانين عاماً، و .. "إلى الأبد"؟

المساهمون