"نقوش بريان".. خارطة جديدة لآثار الجزائر؟

"نقوش بريان".. خارطة جديدة لآثار الجزائر؟

01 مارس 2018
(نقوش في كهوف تاسيلي، شرق الجزائر، اكتشفت عام 1938)
+ الخط -

منذ نهايات القرن التاسع عشر، ومع اكتشاف نقوش في منطقة الجلفة في الجزائر إلى بروز دراسات تاريخية جديدة حول الشمال الأفريقي، تشير إلى هجرات الإنسان إليها بداية العصر الحجري القديم قبل مئات آلاف السنين، ثم تتالت الاكتشافات طوال السنين الماضية في مواقع تيغنيف وعين لحنش وبئر العاتر وتاسيلي.

ساهمت هذه المعطيات في التأكيد على العمق الحضاري لمنطقة المغرب العربي، بعد أن كان الاعتقاد السائد لدى الأركيولوجيين قبل ذلك أنها لم تشهد استيطاناً بشرياً يعود إلى ما يسمّى عصر ما قبل التاريخ الذي سبق اكتشاف الكتابة.

في هذا السياق، جرى الإعلان منذ أيام عن اكتشاف ثلاثة مواقع أثرية جديدة لـنقوش صخرية، تعود إلى حقبة ما قبل التاريخ في بريان (نحو 45 كلم شمال غرداية)، وصفت بأنها "ذات أهمية" من قبل المختصين، حسب ما أعلنته وزارة الثقافة الجزائرية.

الكشف عن هذه المواقع تمّ عن طريق الصدفة، إذ عَثر عليها فريق من "الكشافة الإسلامية" كانوا في معسكر لهم في منطقة على بعد نحو ثلاثين كيلومتراً شرق مدينة بريان بالقرب من وادي لروي، مثلما أوضح المكلف بالتراث في مديرية القطاع محمد علواني.

وكانت الدعوات قد انطلقت في السنوات الأخيرة بضرورة وضع "خريطة أثرية جديدة" في البلاد، إذ لا يزال عمل بعثات التنقيب يعتمد "الأطلس الأثري للجزائر" الذي وضعه الباحثون الفرنسيون إبان فترة الاستعمار ما بين عامي 1908 و1911، ولم يجر تحديثها إلى اليوم.

ويشير الباحثان الجزائريان أبركان كريم وسمير بلقاسمي، في دراسة لهما بعنوان "أسس أولى أبحاث ما قبل التاريخ في شمال أفريقيا: منطقة الجلفة نموذجاً"، إلى أن "الأبحاث الأولى التي نُشرت في هذا المجال انقسمت إلى ثلاثة محاور؛ المعالم الجنائزية والبقايا العظمية الإنسانية والصناعة الحجرية، واعتمدت الأولى على نسبها إلى محتل أوروبي (من العصور القديمة)، وتمّت مقاربة الثانية بنظيرتها الأوروبية، ووضعت الثالثة في إطار تزامنها مع الصناعة في أوروبا"، وتفترض الدراسات الفرنسية أن هناك حضوراً أوروبياً قديماً في منطقة شمال أفريقيا.

خلص البحث إلى أن هذه الدراسات اتسمت بالانحياز المطلق خدمة لمصلحة المستعمر الفرنسي، واستمر الحال على ما هو عليه حتى استقلال الجزائر، إن لم نقل إلى يومنا هذا، بالنظر إلى بعض الأبحاث الحديثة، وليس جميعها، التي ما زالت تضع هذه الدراسات القديمة كقاعدة موثوق بها في التحليل، عن قصد أو بدونه.

تضمّنت اكتشافات بريان الأخيرة عدداً من الأحجار مخروطية الشكل وورشات تصنيع أدوات الصوان، وهو نوع من الصخور السيلكية الرسوبية، وحجر العقيق الأبيض، وأيضاً أوانس كانت مستعملة في حقبة ما قبل التاريخ تتشكل من مسامير وكاشطات، بحسب وزارة الثقافة، التي أوضحت أنه تم العثور أيضاً عبر أماكن مختلفة على نقوش ورسومات صخرية وأجسام حجرية ومن الصوان ومعالم جنائزية خاصة في منطقة ميزاب.

المساهمون