"الآثار الغارقة": تاريخ قطر وطرق تجارتها

"الآثار الغارقة": تاريخ قطر وطرق تجارتها

08 فبراير 2018
(قلعة الزبارة)
+ الخط -
ظلّت الاكتشافات الأثرية تحت البحار مجهولةً لدى العلماء والمختصين طوال ألفي عام مضت، إلا ما تم اكتشافه عن طريق الصدفة، ومع تطوّر علوم الأرض والآثار وظهور التكنولوجيا الحديثة بدأ البحث في المواقع البحرية يخضع لمنهجية علمية، إضافة إلى سن التشريعات الدولية لحماية التراث المغمور بالمياه ضمن اتفاقيات "اليونسكو" منذ عام 2001.

تواصل "متاحف قطر" مشروعها البحثي في منطقة الخليج لاستكشاف خصائص البيئة البحرية، حيث أطلقت المرحلة الثانية من مشروع الآثار الغارقة في المياه القطرية، الذي يتواصل بالشراكة مع "جامعة يورك" البريطانية بعد إتمام المرحلة الأولى العام الماضي.

وتم الإعلان عن "مسح بعض المناطق في شاطئ مدينة الزبارة الأثرية المُدرجة ضمن قائمة اليونسكو للمواقع التراثية خلال هذه المرحلة، لما للموقع من أهمية أثرية وتاريخية واقتصادية في المنطقة، فضلاً عن الأهمية الاستراتيجية والجغرافية التي جعلت منه نقطة اتصال هامة داخل وخارج الخليج العربي، وجرت المسوحات بواسطة أجهزة الاستشعار عن بعد واختيار مواقع التنقيب"، بحسب بيان "متاحف قطر".

وكانت "متاحف قطر" قد وقعّت عام 2015 مذكرة تفاهم مع "مركز العلوم البيئية" في "جامعة قطر" لإنجاز دراسة أولى تتناول الخصائص البحرية بهدف التوصّل إلى اكتشافات جديدة تلقي الضوء على تاريخ التجارة البحرية في المنطقة، وتطوير قاعدة بيانات تعتمد على النتائج التي تتوصّل إليها سفينة الأبحاث البحرية المتطورة "جنان" التابعة للجامعة.

ثم تلا ذلك توقيع اتفاقيات مع "جامعة يورك" البريطانية و"وزارة التراث الثقافي والأنشطة السياحية" الإيطالية، في مشروعٍ يستمر خمس سنوات يسعى خلالها إلى "كشف العديد من الأسرار المرتبطة بالأنماط المعيشية والسلوكيات والمفاهيم الدينية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالبحر في العصور الماضية"، بحسب القائمين عليه.

تُعدّ منطقة البحث من المناطق الغنية بالآثار، ومن المحتمل العثور فيها على حطام سفن قديمة وبقايا آثار غارقة نظراً لوقوعها على طرق التجارة البحرية الرئيسية القديمة، إلى جانب الدراسات المتعلقة بالبيئات القديمة ومستوى سطح الخليج منذ ما قبل التاريخ حتى وقتنا الحالي.

تعزّز نتائج هذه الدراسات تقديم معلومات مفصّلة عن الطبيعة الجيولوجية البحرية للمناطق الساحلية المتاخمة لمدينة الزبارة الأثرية الواقعة على الساحل الشمالي الغربي لقطر وكذلك دراسة تحليلية علمية للمواقع والمعثورات التي يتم الكشف عنها.

كما تساعد على فهم طبيعة الأنشطة الاقتصادية والتجارية البحرية لدولة قطر على مدار تاريخها وإدراك مدى أهميتها، إلى جانب معرفة أشكال التجارة التي ربطت بينها وبين الدول المجاورة، واكتشاف تاريخ وآثار المناطق الساحلية والموانئ القديمة من حيث النشأة والتطور.

أسفرت نتائج المسح في المرحلة الأولى عن اكتشاف العديد من حطام السفن في شمال قطر وتم تسجيلها وتوثيقها وعمل صور ثلاثية الأبعاد لما جرى اكتشافه بتفاصيل ودقة عالية.

يُعقد على هامش المشروع العديد من المحاضرات والندوات وورش العمل والبرامج التدريبية من أجل بناء كوادر محلية تختصّ بالعمل في مجال الآثار الغارقة، ويتضمّن التقرير النهائي للدراسة تسجيل وتوثيق جميع مواقع الآثار الغارقة وأماكن توزيعها وإمكانية الوصول إليها والاستفادة منها في البرامج العلمية، وتأصيل الدراسات التاريخية والأثرية البحرية، وكتابة تاريخ علم الآثار بشكل علمي وعميق لقطر.

وعلى ضوء نتائج الدراسة، سيجري إنشاء أرشيف رقمي لمواقع التراث الثقافي البحري ووضع خرائط له عالية الدقة باستخدام أحدث التقنيات في أجهزة الاستشعار عن بعد، وجمع البيانات البحرية، وإنشاء مكاتب رقمية للمواقع الأثرية، ووضع خطّة لتطوير أماكن السياحة التراثية البحرية.

المساهمون