سيدي بوزيد: فرجة باهتة في انتظار "متحف الثورة"

سيدي بوزيد: فرجة باهتة في انتظار "متحف الثورة"

20 ديسمبر 2018
من دورة سابقة (ياسين قايدي)
+ الخط -

انطلقت، الإثنين الماضي، في مدينة سيدي بوزيد التونسية فعاليات "المهرجان الدولي لثورة 17 ديسمبر"، وهي تظاهرة حديثة تنظمها وزارة الثقافة التونسية منذ 2011، كإطار للاحتفال سنوياً بذكرى الثورة التونسية التي انطلقت بحادثة إحراق محمد البوعزيزي نفسه في ذلك التاريخ وفي تلك المدينة سنة 2010.

من الطبيعي أن يحكم ارتباط المهرجان بحراك اجتماعي وسياسي الكثيرَ من خياراته. لكن من الواضح أنه يعاني من الارتجال، فلم تترسّخ له بعد هوية خاصة به، ولم يُقدّم أكثر من المقترحات المكرّسة من ندوات تقع بين الفكري والسياسي، وحفلات موسيقية يقدّمها فنّانون غالباً ما كانت لهم مساهمات في الثورة أو تتقاطع مشاريعهم مع مقولاتها. في برنامج هذا العام، نجد لزهر الضاوي وأحمد الماجري وبديعة بوحريزي، و"فرقة البحث الموسيقي بقابس"، إضافة إلى الفنانة اللبنانية أميمة الخليل.

المؤكّد أن التظاهرة تُشكّل فرصةً جيّدة لتنشيط حياة ثقافية خاملة في مدينة سيدي بوزيد. لكن لا يبدو أنها تنجح في ذلك بالشكل المطلوب. مثلاً، كان الافتتاح من خلال معرض لتراث الجهة في إحدى ساحات المدينة، تضمّن لوحات فنية ومنسوجات تقليدية ومأكولات شعبية. ويشير هذا الخيار إلى نزعة في اقتراح أسهل الفعاليات التي يمكن تنفيذها (لا ننسى أن الهيئة المنظّمة اشتكت من تأخّر دعم وزارة الثقافة). هكذا، يظهر "الفقر الثقافي" الذي تعيشه المدينة منذ عتبة برنامج مهرجانها.

بحسب القائمين عليه، يهدف المهرجان إلى التأريخ للثورة الشعبية التي طالبت بالحرية والعدالة الاجتماعية. لكننا حين نعود إلى نوعية الفعاليات المقدّمة، في الدورة الحالية وفي الدورات السابقة، نلتقي بعروض فرجوية وندوات كثيراً ما تميل إلى السياسي على حساب مضامينها الأصلية.

في دورته الحالية التي تستمرّ حتى الثالث والعشرين من الشهر الجاري، لا نجد من عملية التأريخ للثورة سوى ندوة بعنوان "سيدي بوزيد تروي حكاية ثورتها بلسان أبنائها وأصدقائها"، والإعلان (أو بالأحرى مواصلة الإعلان) عن مشروع "متحف الثورة"؛ حيث جرى عرض مجسّم لمبنى المتحف يوم الافتتاح، إضافةً إلى تصريحات وزير الثقافة، محمد زين العابدين، بالتقدّم في المشروع، محدّداً هدفه في جمع المادة السمعية والبصرية للأحداث التي شهدتها تونس بين نهاية 2010 وبداية 2011. من هنا، ربما نشعر أن المهرجان يُقام سنوياً لتجديد وعود كهذه للمدينة.

وبشكل عام، لنا أن نتساءل ما الذي تستفيده سيدي بوزيد من المهرجان؟ ربما تستفيد من عودة الأضواء إليها، لكن حين يحدث ذلك، سرعان ما يلتقط أبناؤها الحبل كي يشيروا إلى أن المدينة لم تتجاوز السلبيات التي قامت من أجلها الثورة، من التفاوت التنموي بين الجهات، وصولاً إلى القمع البوليسي من حين إلى آخر.

المساهمون