خدوش في صورة نيرودا

خدوش في صورة نيرودا

12 ديسمبر 2018
غرافيتي لنيرودا في سانتياغو بالتشيلي
+ الخط -

لا تخفى مكانة الشاعر التشيلي بابلو نيرودا (1904 - 1973)، في الشعر العالمي ككل، وبالخصوص في تأريخ حياة ونضالات الأميركيين اللاتينيين العاديين كرمز لمقاومة الدكتاتورية. لكن قرار إعادة تسمية مطارِ سانتياغو باسمه، أثار حنق نشطاء حقوق الإنسان، واحتجاج النسويات؛ حيث اعتُبر أن "هذا الشرف غير مناسب لرجل اعترَف بالاغتصاب في مذكّراته الخاصة".

كانت اللجنة الثقافية في مجلس الشيوخ التشيلي قد صوّتت الشهر الماضي على إعادة تسمية المطار باسم نيرودا. وقالت كارولينا مارزان، وهي نائبة صوّتت لصالح هذه الخطوة، إن الشاعر جدير بذلك لأنه "جعل جميع التشيليين فخورين".

المسألة بدت للبعض استفزازية، بالنظر إلى تزامن الخطوة مع سلسلة حملات نسوية جديدة يقودها طلاب جامعيون في جميع أنحاء البلاد، تطالب بحقوق الإجهاض، إلى جانب حركة "ني أونا مينوس" التي تحارب قتل النساء، وحركة "MeToo" العالمية التي تناهض التحرّش الجنسي.

إحدى الناشطات، كارين فيرغارا، صرّحت لصحيفة "الغارديان" البريطانية: "لا يوجد سبب واضح لإعادة تسمية المطار الآن. هذا يحدث في وقت بدأت النساء التجرؤ على إدانة مرتكبي الانتهاكات". كما ذهبت المحتجّات إلى القول بأنه إن كانت هناك ضرورة لإعادة التسمية، فلمَ لا يُطلَق اسم الشاعرة التشيلية أيضاً غابرييلا ميسترال".

يقوم الجدل حول نيرودا بسبب صفحة في كتابه "أعترف بأنني قد عشت"، والتي يصف فيها اغتصابه خادمة في سيلان حيث شغل منصب دبلوماسي عام 1929. غير أنه لم يكن يصفه كاغتصاب، ولم يُقرأ بهذا الشكل طيلة العقود الماضية، ولكنه بات يُقرأ الآن هكذا في ظل زيادة الوعي بالفرق بين القبول بالممارسة الجنسية والخضوع لها.

لكن ما "ورّط" نيرودا هو أنه كتب نصّه بنبرة اعترافية فيها إحساس بالذنب، فيصف كيف اقتاد المرأة بـ"قبضة قوية من معصمها" إلى حجرة نومه، ويصف اللقاء بأنه كان شبيها بلقاء بين رجل وتمثال، وأنها أبقت عينيها مفتوحتين طيلة الوقت ولم تستجب له، ويقول أيضاً: "لقد كانت محقّة في احتقاري".

ورغم أن المذكّرات نُشرت منذ أكثر من أربعة عقود، إلا أن الأمر أصبح موضوع نقاش فقط في السنوات الأخيرة، حين أشار المفكر السلوفيني سلافوي جيجيك، في كتابه "الحياة في زمن النهاية"، إلى القصة.

من جانب آخر، كانت الروائية إيزابيل أليندي، وهي ناشطة نسوية أيضاً، قد سُئلت عن موقفها من نيرودا، فاعتبرت أن ما حدث لا يعني أن يُنزع كل احتفاء به، وقالت: "أنا مثل العديد من النسويات في تشيلي، أشعر بالاشمئزاز من بعض جوانب حياة وشخصية نيرودا ومع ذلك لا يمكننا رفض كتاباته".

بذلك، يتحوّل نيرودا إلى شخصية خلافية في بلاده، وهو الذي بقي لسنوات طويلة رمزاً وطنياً ثابتاً نظراً لشهرته العالمية وأهمية نصوصه، وتاريخه النضالي أيضاً. أمّا قرار إعادة تسمية المطار، فقد ابتعدت تماماً عن أسماء الشعراء والكتّاب، وتقرّر إطلاق اسم آرتورو ميرينو بينيتيز، مؤسّس القوات الجوية التشيلية وشركة الطيران الوطنية، عليه.

المساهمون