"المعاجم التاريخية للغات": العربية في سياق أشمل

"المعاجم التاريخية للغات": العربية في سياق أشمل

11 ديسمبر 2018
من فعاليات المؤتمر (تصوير: معتصم الناصر/ العربي الجديد)
+ الخط -

بعد أن جرى، صباح أمس الإثنين، إطلاق البوابة الإلكترونية لـ"معجم الدوحة التاريخي للغة العربية"، انطلقت في مقر "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، في الدوحة، فعاليات مؤتمر "المعاجم التاريخية للّغات.. مقارنات ومقاربات"، بمشاركة معجميين ولغويين من بلدان عربية وأجنبية، إضافة إلى أعضاء المجلس العلمي للمعجم.

يتضمّن المؤتمر سبع جلسات عمل وجلسة ختامية على مدى يومين. وكانت جلسته الأولى أمس بعنوان "المعجم العربي والتاريخ"، وفيها قرأ رئيس المجلس العلمي للمعجم، رمزي منير البعلبكي، ورقة بعنوان "ملامح من الوعي اللغوي التاريخي في التراث المعجمي العربي"، أشار فيها إلى أن "التراث اللغوي والنحوي العربي منذ القرن الثاني للهجرة يتسم بالطابع التزامني لا الزماني أو التعاقبي"؛ وإن كان "العرب لم يغفلوا عن الجوانب التاريخية في مقاربتهم المسائل اللغوية".

من جهته، قدّم نائب رئيس المجلس العلمي للمعجم، إبراهيم بن مراد، بحثاً حول "مستويات التأريخ في المعجم التاريخي العربي"، حيث يؤكّد أن "المستوى الرابع من مستويات التأريخ المعجمي هو الأكثر تأثيراً في العمل التاريخي، وهو: نصوصٌ غير معروفة النسبة وغير معروفة التاريخ". وأوضح بن مراد أنه "لا يوجد سوى عملين في العربية، لا غير، في تأريخ أعمال الأشخاص قام بهما مستشرقان، أحدهما حول مؤلفات الغزالي، والثاني حول كتب ابن رشد".

وفي كلمته، تحدّث مدير "مكتب المعجمية والمصطلحية والقاموسية والترجمة العربية"، حسن حمزة، حول تاريخية اللغة، حيث يشير إلى أنها "تحدّدت قديماً في ثلاثة مبادئ: تاريخ الوحي، ومفهوم الفصاحة، والاعتقاد بأن التغير في اللغة طارئ عليها ويكون بعامل خارجي هو اختلاط العرب بالأعاجم"، مؤكداً أن "التاريخ في التراث اللغوي ليس سوى خيط يفصل بين عصر فصاحة وعصر فساد".

تحت عنوان "المعجم التاريخي بين المعاجم"، عُقدت أمس الجلسة الثانية، وقدم فيها عبد العلي الودغيري، دراسة تناولت "أهمية التأثيل في التأريخ للمعجم"، حيث وقف على أن التأثيل نوعان: داخلي عبر البحث عن الكلمة داخل اللغة، وآخر خارجي عبر البحث عن الكلمة خارج اللغة.

أما أستاذ الترجمة في جامعة لوفان في بلجيكا، عبد الرحمن السليمان، فتناول "أهمية علم التأثيل وعلم اللغة المقارن في تفكيك الدعاوى الحديثة حول العربية"، معرفاً التأثيل بأنه العلم الذي يدرس الأصل التاريخيّ للكلمة.

وحول "المنهجيات المختلفة في تصنيف المعاجم التاريخية"، تحدّث عضو المجلس العلمي لـ"معجم الدوحة التاريخي"، علي القاسمي، معدداً الأسس الواجب مراعاتها في إعداد معجم، ورقياً كان أم إلكترونياً، ومنها الجمهور المستهدف، ونطاق المعجم من حيث المادة اللغوية وحجم المعجم والمدة المخصصة لإنجازه، والشمول، ومصادر مادة المعجم، والفلسفة اللغوية والمعجمية. وكان آخر المتحدثين يوم أمس، عضو المجلس العلمي للمعجم، عبد الحميد هرامة، وقد تناول "أهمية المعجم التاريخي في إعادة قراءة التراث الإسلامي".

تواصل، صباح اليوم، مؤتمر "المعاجم التاريخية للغات"، في مقر "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في الدوحة، وقد تمحورت الجلسة الصباحية حول "معجم الدوحة التاريخي" تحديداً، حيث تحدّث المدير التنفيذي للمعجم، عزالدين البوشيخي، عن كون "معجم الدّوحة التاريخي" أول معجم تاريخيّ في تاريخ العرب والعربيّة، حيث يقدّم ألفاظ اللغة العربية في سياقها التاريخيّ، مشيراً إلى أن أهمّ ما يميّزه ليس المعنى ولا التعريف، وإنما هي: "معلومة التّاريخ"، فالتاريخ هو عماد المعاجم التاريخية.

وقدّم المعجمي ويرنر أرنولد دراسة تناولت "العلاقة المعجمية بين العربية والآرامية"، وأشار إلى أن "الآراميّة اقترضت العديد من الألفاظ من اللغات الساميّة القديمة، وعلى الأخص اللُّغتين: الأكاديّة والكنعانيّة"، موضحاً أن "بعض المفردات الأكاديّة دخلت في البداية إلى العربيّة، ثمّ انتقلت منها إلى الآراميّة الشمالية الغربية".

كما قدّم محمّد مرقطن ورقة بعنوان "صناعة المعجم التاريخي للغة العربية: دراسة في تأثيل وتأريخ المعجمية العربية في ضوء اللغات السامية"، وفها أوضح أنه "لا يمكن دراسة تاريخ ألفاظ اللغة العربية دون معرفة التكوين التاريخيّ للغة العربية في ضوء اللغات السامية والرجوع إلى جذورها التاريخيّة الأولى"، وأضاف: "إنّ الشعوب السامية دوّنت أفكارها وحياتها اليوميّة في مئات الآلاف من النّقوش ابتداءً من الألف الثّالث قبل الميلاد وحتّى فجر الإسلام، وأنّ المادة الثقافية المدوّنة في هذه النّقوش تُشكّلُ جزءا أساسيا من الهويّة اللغويّة والتاريخيّة للعرب".

وألقى عضو المجلس العلمي لـ"معجم الدوحة التاريخي"، رشيد بلحبيب، كلمة بعنوان "معجم العين مصدراً من مصادر معجم الدوحة التاريخيّ.. المسوّغات والضّوابط". وأوضح أن "من المسوّغات التي دعت إلى الاعتماد على معجم العين في معجم الدوحة التاريخيّ، اعتماده على منهج رياضي متكامل في ترتيب الجذور وتنظيمها، وكذلك غناؤه بالمصطلحات اللّغوية، والشّواهد الشعريّة".

المساهمون