محمد عبد المطلب.. بين القول والتطريب

محمد عبد المطلب.. بين القول والتطريب

02 أكتوبر 2018
(محمد عبد المطلب)
+ الخط -
لم يتوقع الفنان المصري الراحل محمد عبد المطلب (1910 – 1980) الذي تصادف ذكرى ميلاده اليوم، أن انفصاله عن فرقة محمد عبد الوهاب بعد أن عمل فيها مغنياً لسنوات، سيشكّل التحوّل الأهم في حياته وتُظّهر تجربة استثنائية مزجت بين أسلوب الحكواتي وفن إلقاء الموال منوّعاً بين جمال القول وبراعة التطريب.

لم يجاره أحد من أبناء جيله حيث كان يغنّي على المسرح ساعتين يومياً جاذباً جمهوراً لم يملّ سماع صوته القوي الأجش المحكم السبك بمساحات واسعة وأداء خاص لم يقلّد فيه أحداً من سابقيه، ورغم أنه لم يكمل تعليمه إلا أنه امتلك معرفة واسعة في المقامات الموسيقية أتاحت له التنقّل بينها بفرادة قلّ نظيرها.

التصق عبد المطلب المولود في قرية شبراخيت في محافظة البحيرة، بالغناء الشعبي الذي كان المقهى ذاكرته الأساسية، متأثراً بالفنان صالح عبد الحي (1896 - 1962)، ولمّا كان هذا الفن في طريقه إلى الاندثار مع تراجع المسرح الاستعراضي منذ الثلاثينيات، ومهما بلغت إمكانيات المغني وقدراته فإن استمراره مرهون بموسيقي يمتلك رؤية لتطوير الأغنية الشعبية.

كان رياض السنباطي قد التفت إلى عبد الحي في سنوات انطفائه فلّحن له "ليه يا بنفسج" عام 1930 التي خلّدتها الموسيقى المصرية، فقد حظي "طُلب" برفقة محمود الشريف (1912 – 1990) الذي قدّم له معظم ألحانه التي حقّق بسببها نجاحاً وانتشاراً واسعاً، ومنها "بياع الهوى راح فين"، و"رمضان جانا"، و"في كل يوم بيزيد حبك"، و"ودّع هوالك"، و"بتسأليني بحبك ليه"، و"أداري وانت مش داري"، و"يا أهل المحبة"، و"ما بسألش عليّ أبداً"، و"بياع الهوى".

ومنذ التقاء الفنانيْن عام 1933، صعد نجم عبد المطلب الذي تسابق كبار الملحنين على التعاون معه فقدّم "شفت حبيبي" و"يا ليلة بيضا" لرياض السنباطي، و"إسال مرة عليّ" لسيد مكاوي، و"نقش الحنة" و"بصعب على روحي" لبليغ حمدي، و"سهرت بين الخمايل" و"آه من جمال العيون" لزكريا أحمد، و"الناس المغرمين" لكمال الطويل.

أكثر من ألف أغنية قدّمها خلال نصف قرن، لكن اجتماعه مع محمد فوزي شكّل تطوراً لافتاً في مساره، إذ يسجّل للأخير اعتناؤه بخياراته في التلحين فلم يقدّم عملاً واحداً بحسب اشتراطات السوق رغم أنه عمل منتجاً لكبار المطربين، كما أنه لم يحتكر أحداً من الفنانين الذي تعامل معهم خلافاً لما قام به عبد الوهاب وفريد الأطرش مثلاً. من هنا، حقّق مع فوزي نقلة نوعية في أغنيات "ساكن في حي السيدة"، و"لا قابلتك ولا كلمتك"، و"أبو العيون الجمال"، التي يمكن القول إنها لُحنّت من أجل عبد المطلب وحده.

لجأ صاحب "غدّار يا زمن" إلى زخرفة أدائه في أواخر حياته واعتلال صحته إثر تقديمه مسرحية "يا حبيبتي يا مصر" عام 1971، حيث فقد ذلك الوضوح والصفاء واتساع طبقات صوته، فقرّر ملازمة منزله والتقليل من ظهوره على المسرح، ليرحل بعد ذلك بسنوات.

المساهمون