سلافة مبروك البياتي وهيفاء زنكنة: غرافيتي لرائحة تونس

سلافة مبروك البياتي وهيفاء زنكنة: غرافيتي لرائحة تونس

17 يناير 2018
(غرافيتي في تونس العاصمة)
+ الخط -

لا يعرف كثيرون الفرق الدقيق بين الغرافيتي وفن الشارع، لكن تاريخ هذين الفنين يقول إنهما يشتركان في الأصول المتواضعة نفسها، وهي حاجة الهامش إلى التعبير.

وفي حين نشأت فكرة الغرافيتي في الستينيات من حاجة الشباب الأقل حظاً في مدنهم وطبقاتهم وأحيائهم إلى التعبير عن الاحتجاج والحاجة إلى التغيير، ظهر فن الشارع كنتاج فناني الأندرغراوند المهمشين الذين لم يتمكنوا من اختراق الوسط التشكيلي الرفيع إن جاز التعبير، ولم يعترف برسوماتهم كفن تشكيلي، فجعلوا من المدينة في أواخر السبعينيات وطيلة التسعينيات "غاليري" مفتوحاً لأعمالهم، ولم تلق أعمالهم القبول كشكل فني له حضوره إلا في العقدين الأخيرين تقريباً.

وفي الحالتين ظلت النظرة الرسمية ولفترة طويلة ترى هذا التعبير شكلاً من أشكال التخريب والتمرّد على الصورة التي تريدها الدولة للمدينة. بينما انقسمت النظرة الشعبية الاجتماعية بين محافظة ترى في الفن على الجدران بلا رقيب ولا حسيب تمرداً وتخريباً أيضاً، وبين تيارات منفتحة ترى أنه نوع من الثورة على السائد ووسيلة للتعبير والاحتجاج.

في هذا السياق يحمل معرض "غرافيتي يرحم والديك" الذي ينطلق في "دار الثقافة ابن رشيق" في العاصمة التونسية مساء غدٍ الخميس ويتواصل حتى 25 من الشهر الجاري، مفارقته فيه، حيث أن المعرض يوثق للغرافيتي الذي لجأ إليه المواطنون لحلّ ظاهرة تشويه المدينة بالنفايات.

إذن جرى اللجوء إلى الغرافيتي الذي يحمل في طبيعته وأصله صفة "التخريب" بمعنى تغيير المظهر العام للمدينة بطريقة لا تخضع لسلطة ما سوى الفرد نفسه الذي يقوم بالغرافيتي. في المعرض رصدت التشكيلية التونسية سلافة مبروك البياتي والكاتبة العراقية هيفاء زنكنة رائحة تونس من خلال استخدامات سكّانها لجدرانها.

يأخذ المعرض الجمهور، وفقاً لبيان الفعالية، "في جولة حول شوارع وأحياء العاصمة، من باب فلة وباب جزيرة الى البلفيدير والمرسى، صحبة الأهالي الذين أعيتهم السبل للمحافظة على نظافة مدينتهم، فلجأوا الى الغرافيتي كأداة للتوعية، والمناشدة، والترجي، والدعاء، مرة باللغة العربية الفصحى وأخرى بالعامية، مع بعض الأخطاء النحوية".

ويضيف البيان: "يتنوّع الدعاء، في شدته وقسوته، حسب إحساس كاتب الغرافيتي بجدوى عمله أو لا جدواه، متنقلاً من "لا ترحم والدين إلي يحط الزبلة هنا" إلى "الله لا يكَسبوا المال وهَنية البال إلي يرمي الزبلة هنا" و"لا ترحم عظم" كحد أقصى من العقاب. وإذا كان الوالدان، نظراً لموقعهما العائلي والاجتماعي، هما المستهدفين، غالباً، بدعاء الحرمان من رحمة الله تعالى، فإن جدران العاصمة لا تخلو من تنويعات أخرى، حول نفس الموضوع.

المساهمون