"الدار البيضاء للكتاب": ضيافةُ مصر الرسميّة

"الدار البيضاء للكتاب": ضيافةُ مصر الرسميّة

13 يناير 2018
(من دورة سابقة للمعرض)
+ الخط -

أعلنت وزارة الثقافة المغربية عن برنامج الدورة 24 من "معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب"، الذي ينطلق ما بين 8 إلى 18 شباط/ فبراير المقبل. وتحلّ مصر ضيفةً على المعرض هذا العام، حيث يتضمن البرنامج الخاص بالجانب المصري عدّة محاور بعضها يبدو سياسياً؛ مثل "تاريخ العلاقات المغربية المصرية"، إلى جانب ندوات تحت عناوين: "أسئلة الثقافة"، و"إشكاليات الدرس الفلسفي".

على صعيد السرد والرواية ينظّم المعرض محاضرة بعنوان"أثر الروائي الراحل جمال الغيطاني في الرواية العربية"، و"خصائص التجربة الروائية المصرية والمغربية"، و"أبحاث في القصة القصيرة"، يشارك فيها أنور مغيث عن "المركز القومي للترجمة"، وطارق الطاهر من "أخبار الأدب"، والقاص سعيد الكفراوي، والروائيان هالة البدري وسعيد نوح وآخرون.

كما تقام أمسيات شعرية يشارك فيها الشعراء؛ زين العابدين فؤاد، وفريد أبو سعدة، وسامح محجوب، وتشارك فرقة "التنورة" للرقص الشعبي بحفل تراثي مصري، بالإضافة إلى أمسيات عزف على العود بمشاركة إسلام محمد طه وفادي عادل غالي.

يطرح البرنامج الذي صمّمته وزارة الثقافة المصرية، أسئلة حول حقيقة تمثيله للكتابة المصرية المعاصرة، سواء في تياراتها السردية أو في تطوّراتها الشعرية. في هذا السياق يتحدّث الشاعر محمود خير الله لـ "العربي الجديد" حول برنامج وزارة الثقافة من حيث محاوره وتمثيلاته، فيقول: "الحقيقة أن المرء لم يعد يأسف كثيراً، لأن أطياف الثقافة المصرية على تنوّعها، لم تعد ممثَّلة في اختيارات وزارة الثقافة المصرية، سواء في الداخل المصري، أو حتى في الخارج، كما أن اختيارات هذه الوزارة لم تعد تثير الأسى تماماً، والحق أن الوفد المصري إلى الدار البيضاء يضمّ صفوة من الكتاب والشعراء والناقدين والناشرين، وفناني العود".

ويضيف: "هؤلاء هم الصفوة.. ربما، لكنهم لا يمثلون الصورة الكاملة للثقافة المصرية، وتلك أزمة أخرى، تتحمل مسؤوليتها العقلية صاحبة قرار تشكيل الوفود، وهي عقلية بيروقراطية لا تخلو من روح العصابة و(الشللية)، لكن أزمتها الكبرى أنها تعتقد أن العدالة هي أن يصطف الأدباء في طابور واحد طويل كيوم الحشر، يعضُّون أصابع الندم، في انتظار أن يصيبهم الدور، من دون أن تضع (هذه العقلية البيروقراطية) التنوعَ في الموضوع، فتضيع على مصر فرص كثيرة، وهو ما نراه في هذه الحالة".

يتابع: "كانت هذه العقلية حريصة كما عوّدتنا على استبعاد شعراء قصيدة النثر (تحت الستين)، من دون أن تدرك أن بعض هؤلاء الشعراء، ربما كانوا معروفين ومطلوبين لقراءة قصائدهم في ساحات الدار البيضاء المدهشة، ومن دون أن تدرك أن وجود شعراء من أجيال مختلفة، وبمذاقات جمالية مختلفة، هو بالذات ما يريد أن يسمعه الأخوة المغاربة، لكننا تعوّدنا على عقليتنا البيروقراطية المهزومة تلك، وبتنا لا ننتظر منها أي جديد".

بدوره يرى الشاعر المصري علاء خالد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "آليات اختيار الممثلين لمصر من الكتاب والشعراء في معرض الدار البيضاء للكتاب، قد تم بطريقة محدودة، إما عن طريق العلاقات الشخصية أو العلاقات الرسمية. وربّما من قام بالاختيار لا يعرف جيداً الخريطة الثقافية في مصر وتنوع اتجاهاتها".

ويضيف: "المشكلة ليست في أسماء المختارين للمشاركة، ولكن في محدودية الاختيار، كي يعبّر ولو بشكل موسوعي عن سياق ثقافة أخرى، داخل معرض الكتاب في الدار البيضاء. المشكلة في الاختيار ليست في استبعاد أجيال بعينها، ولكن في عدم بذل جهد حقيقي للوصول إلى تمثيل أكثر اتساعاً وتنوّعاً".

السبب قد يعود، وفقاً لخالد، إلى "سياسة الجهة الرسمية التي قامت بتوجيه واختيار المشاركين". ويضيف: "كانت لي حادثة مع معرض الدار البيضاء، فقد تلقيت دعوة تليفونية من أحد المسؤولين للمشاركة في المعرض منذ عدة سنوات. وبعدها بأيام قليلة حدث تغيير لوزير الثقافة آنذاك، فقام هو بدوره بتغيير خريطة المدعوين، وأغلب قائمة الأسماء الأخرى المدعوة".

هذا، يدلّ بشكل ما، بحسب خالد "على تحكّم السلطة الرسمية في الاختيار، تبعاً لتصوّراتها واعتقاداتها الشخصية، بمعنى عدم وجود سياسية ثابتة للاختيار".

يتابع: "ربما بُعد المغرب عن مصر جغرافياً، دائماً ما يؤدي إلى نوع من سوء التمثيل من الجانبين، وأعتقد أيضاً أن الأسماء التي دُعيت لمصر من قبل هيئة الكتاب، قد خضعت أيضاً لنفس المقاييس الرسميّة والشخصيّة المحدودتين، كأنه نوع من التمثيل الدبلوماسي المتبادل".

يختم خالد حديثه قائلاً: "لي تساؤل، لماذا لم يخصّص معرض القاهرة الدولي للكتاب حتى الآن محوراً خاصاً بالكاتب والمفكر والفيلسوف المغربي الكبير عبد الفتاح كيليطو؟".

المساهمون