النشيد الموريتاني الجديد: مؤيدون معارضون

النشيد الموريتاني الجديد: مؤيدون معارضون

29 سبتمبر 2017
بشير معلوم/ موريتانيا
+ الخط -
رغم أن المصوّتين لصالح تغيير النشيد الوطني والعلَم في موريتانيا في الاستفتاء الشعبي الذي جرى الشهر الماضي، فاقوا نسبة 85% إلا أن الجدل لم ينته في الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي حيث يرفض كثيرون إلغاء النشيد الذي وضعه الشاعر والفقيه باب ولد الشيخ سيدي (1860 – 1924) لما له من مكانة رمزية في وجدان الموريتانيين.

الحالة الموريتانية تذكّر بما حدث في بغداد حين تعالت الاعتراضات على العلم الذي صمّمه أحد أبرز المعماريين العراقيين رفعة الجادرجي عام 2004، ولم يجر تقبّله لخلوه من الألوان التقليدية التي تضمّنها بيت صفي الدين الحلي الشهير: بِيضٌ صَنائِعُنا، سودٌ وقائِعُنا/ خِضرٌ مَرابعُنا، حُمرٌ مَواضِينا، وتم العودة إلى الراية القديمة مع إزالة النجوم منها والاكتفاء بعبارة "الله أكبر" التي تتوسّط بياضها.

في السودان أيضاً، دعت أكثر من جهة رسمية وشعبية إلى تغيير العلم والنشيد العام الماضي، وهو يتماثل مع مطالب بعض الانتفاضات العربية، استناداً إلى أسباب مختلفة، فهناك من يحنّ إلى الأعلام التي سبقت مرحلة الانقلابات العسكرية في أكثر من بلد عربي ويود استعادتها، بينما يرى آخرون أن جميع هذه الرايات وضعت في لحظة دون أن يجري التوافق عليها شعبياً.

على أن هذا التوافق يبدو مستحيلاً، ففي موريتانيا وصلت نسبة مقاطعة التصويت على التعديلات الدستورية التي تتضمّن عدّة تغييرات منها العلم والنشيد، حوالي 48% من إجمالي عدد من يحقّ لهم التصويت، وإذا أضيف إليهم نسبة من اقترعوا ضد التغيير، تكون النتيجة أن أغلبية الشعب لا يمثّلها العلم والنشيد الجديد بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء.

الأمر الثاني يتعلّق بالاعتراض على اختيار أعضاء "هيئة النشيد" التي ضمّت 39 شاعراً، إذ اعتبر البعض أن شعراء بارزين لم يتم اختيارهم بسبب معارضتهم للنظام، بينما رفض آخرون اللجوء إلى هذه الآلية بالمطلق، حيث لن يتمكّن هؤلاء الشعراء أن يكتبوا مجتمعين نشيداً جيداً في كلماته وتعبيراته.

الحديث عن ضرورة التجديد رافقه غمز في الإعلام الموريتاني بأن النشيد القديم تغلب عليه صياغات دينية بينما يفترض أن يكون طابعه وطني حماسي، لكن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز طلب من واضعي النشيد الجديد تضمينه الآية القرآنية "إن مع العسر يسرا"، في دعوة مبطنة إلى احتمال سياساته مع الوعد بقرب الانفراج، وهو ما يجده كثيرون مجرّد إلهاء عن توسيع صلاحيات الرئيس وسوء الأوضاع الاقتصادية كذلك.

اختلاف سياسي حول النشيد الذي ترفضه المعارضة، وجدل حول الهوية الموريتانية يجري توظيفه في الصراع بين القوى السياسية وينعكس على الرموز الوطنية القديمة والجديدة على حد سواء، وخلاف أكبر يتصل بالذائقة الأدبية حيث يعتقد المؤيدون للنشيد أنه من أجمل القصائد بينما يؤكد معترضون على رداءة عباراته وضعف تراكيبه.

المساهمون