سلفادور أليندي.. حكم العسكر تقاطعات تشيلية عربية

سلفادور أليندي.. حكم العسكر تقاطعات تشيلية عربية

16 سبتمبر 2017
(أليندي في 1973، لقطة تظهر في فيلم غوزمان)
+ الخط -
مرّت في 11 أيلول/ سبتمبر الماضي ذكرى رحيل الرئيس التشيلي سلفادور أليندي (1908 - 1973)، تلك الذكرى الحزينة بما تحمله من كسر لإرادة الشعوب والتي مثّلها الانقلاب العسكري الذي قاد أغوستو بينوشيه للحكم بدعم من الولايات المتحدة الأميركية.

يوم الأربعاء 13 أيلول/ سبتمبر الماضي، أقيمت تظاهرة بعنوان "كفاح ضد النسيان.. في ذكرى 11 سبتمبر 1973" انتظمت في "دار الثقافة ابن رشيق" في تونس العاصمة تضمّنت فقرتين أساسيتين؛ محاضرة بابلو رومير، السفير السابق للتشيلي في الجزائر في فترة حكم أليندي، وعرض فيلم "سلفادور أليندي" (2004) لـ باتريسيو غوزمان.

عاد رومير إلى الانقلاب باعتباره مأساة، ليس على المستوى السياسي فهذا الأمر قد يختلف فيه الناس حسب انتماءاتهم الأيديولوجية، وإنما بسبب التهجير والتعذيب الذي مارسه النظام العسكري ضد الشعب التشيلي وأنتج بدوره "الشتات التشيلي".

بحكم معرفته بالعالم العربي، ركز السفير التشيلي السابق على التقاطعات بين تاريخ بلاده وما وقع أو يقع في البلاد العربية، من ذلك تعريجه على مسألة الثروات الطبيعية حيث إن التشيلي تمثل منتجاً أساسياً لعدد من المعادن، وهو ما يجعل منها مطمعاً للقوى الخارجية. يعتبر رومير أن انقلاب بينوشيه نقل هذه الثروات من دائرة الاستفادة الأهلية إلى مجالٍ تنهب منه الشركات الكبرى ومن ورائها الدول الراعية لها.

بعد ذلك يمرّ إلى نموذج الدولة الرأسمالية المتوحشة تحت الحكم العسكري، حيث وجد التشيليون أنفسهم بين ليلة وضحاها حيال نفقات أكبر بسبب خصخصة التعليم والصحة وشركات النقل، وحين وُضع الشعب أمام هذا الوضع أجبر على المديونية، وهكذا جرى جرّ الجميع إلى الورطة التي تعيشها الرأسمالية قاطبة.

يرى رومير أنه كان ينبغي الانتباه إلى أن ما حدث في بلدان عربية مثل مصر وتونس (سياسات الانفتاح الاقتصادي بتقدير حكومات موالية للغرب) كان قد بدأ في تشيلي، وهو يشير إلى عزلة كل عنصر في معادلة مواجهة الرأسمالية ما يسهّل على هذه الأخيرة ابتلاع كل من في طريقها.

في مقارنة أخرى بين تاريخ بلاده والوضع العربي، أشار رومير إلى أن نظام بينوشيه اختنق مع الوقت منذ أن عملت القوى الخارجية على عزله، ولكن كانت توجد صفقة ضمنية تتمثّل في إقصاء بينوشيه والمحافظة على منظومته، في إشارة إلى الثورات المضادة في البلاد العربية بعد 2011 التي توافق الغرب فيها شكلياً مع الإرادات الشعبية، وساعد في إزاحة رؤساء تونس ومصر واليمن، ولكنه عمل من وراء الستار على إبقاء المنظومات كما هي.

كثيرة هي نقاط التشابه الأخرى التي يمكن الإشارة إليها بين تجارب التاريخ السياسي في أميركا اللاتينية والعالم العربي، وما لم يقله رومير يمكن إيجاده في الفيلم الوثائقي حول سيرة أليندي، حيث يُظهر مؤامرات النظام العالمي على الرغبة الشعبية في الاستقلالية والنموّ، من الدسائس النقابية الصغيرة إلى المناورات الإعلامية، وحين لا تفلح كل تلك الألاعيب يظهر الوجه الحقيقي بدمويّته وشراسته فلا يتورّع عن دعم الانقلابات العسكرية.

دلالات

المساهمون