الشعب لا يريد

الشعب لا يريد

07 يوليو 2017
(غرافيتي لـ فيروز في إحدى أحياء بيروت)
+ الخط -
الهتاف ضد فيروز هو ما تقترحه مخيلة شاب "تفكيكي" متحمّس، والتجمهر على أرضها، بغرض إزاحتها، هو ما يستعدُّ له "ناشط ثوري" متخصّص في تكسير التابوهات. ذلك أن فيروز سلطة، لا مجرّد أيقونة أمل، أو رمز جبليّ لـ "جارة الوادي" المحمولة على "هدير البوسطة". سلطة تحجب في طريقها المُعبّد بهالة الفن وقداسة سرّه، كل الأصوات الخفيضة المعارضة.

"مش كاين هيك تكون" إذ تفكّر في إسقاط سلطة الفن. أنت لا تريد في الحقيقة. أنت لا تستطيع. بيد أن السيناريو آسرٌ وجميل. ترحل أنظمة الغناء على طريقة "الربيع العربي". تحل سلطةٌ بديلة لسلطة فيروز مكانها. ثم تستمر جوقة الفوضى في حكم الذائقة، واجتذاب الأجيال. لكن حذارِ أن تذهب "عميقاً في دمي". إذ ما نعرفه من استعذاب السطوة، أن الضمانة الوحيدة هي بقاء الجمال، مستبّداً، على الكرسي الوحيد للعرش، في احتكار رحيم لـ"هموم الحبّ"، وترحيب قاسٍ بمآثر الحياة والموت "كلّما هبّ الهوى".

النقد لا يمكنه استخدام المادّة، أو أداتها، في رفض أو قبول المادّة ذاتها. أدوات النقد غير أدوات المادّة. ولذا مغالطة أن تقول: لا أريد هذه الأغنية، لأن الأغنية تلك كذا وكذا... إلخ.

هنالك امرأة اسمها نهاد، تذهب إلى مكان لا نهائي اسمه فيروز، باعثة في النفس حنيناً جارفاً، وأشواكاً عطوفة داخل زمان مطلق، يمنح العالم صفاته الأكثر ثورية وعمقاً ونقاوة وتجريداً.

المساهمون