"كينشاسا": كما لو أنها مدينة اللهو

"كينشاسا": كما لو أنها مدينة اللهو

29 ابريل 2017
(شيري شيران)
+ الخط -

إذا وضعت عبارة "الحياة اليومية في كينشاسا" على محرّك البحث "غوغل" فإنك سترى الشوارع الجرداء وملامح الفقر والبيوت المسقوفة بالألواح المعدنية والأطفال شبه العراة والحفاة في شوارعها المليئة بالحفر والمياه والنفايات.

والآن، إن جرّبت وضع عبارة "حياة الليل في كينشاسا" على محرّك البحث، فإنك ستجد ملاهي الليل، ومغنيات الجاز وعازفي الساكسوفون والراقصين والراقصات.

هذه الثانية هي الحياة التي تظهر في أعمال مختارة للفنانين الكونغولييْن شيري شيران وموك الابن (أو موكيه)، التي تُقدَّم في معرض "كينشاسا"، حيث ينطلق في "المركز الثقافي الفرنسي" في بيروت الخميس المقبل، الرابع من أيار/ مايو، ويتواصل حتى 28 منه.

يعتبر شيران وموكيه عضوين في جماعة فنية ظهرت في الكونغو وأطلقت على نفسها "مدرسة كينشاسا" وأعلنت عن الحياة اليومية للمدينة عنواناً عريضاً لأعمالها.

من هنا دمجت الأعمال الفنية لهؤلاء التشكيليين الكونغوليين بين التراث الأفريقي وألوانه الحارّة وأخذت من طبيعة فن الغرافيتي الفاقع الذي تعرفه شوارع كينشاسا، وأضافت إليه خطوط المدرسة الساذجة في التشكيل، ثم أضاف كلّ فنان سمة تخصّه ينفرد بها عن باقي الفنانين من هذه المدرسة.

شيري شيرانالصخب والموسيقى والليل والجاز هي بعض ثيمات أعمال شيران عموماً؛ إنها لوحات تحتفي باللون والرقص والحياة. لكن له لوحات أخرى تتناول علاقة الرجل الأبيض المعقّدة بالقارّة السمراء، وكذلك تاريخ بناء المدينة والثروة الحيوانية في البلاد، كلّها ثيمات لا بدّ أن يطرقها شيران بين الحين والآخر.

في حين يقدّم موكيه نفسه كرسّام صحافي في كثير من الأحيان، ما يعني أن مواضيعه تتعدّد بين حياتي المدينة الليلية والنهارية، فنجد رسومات للأسواق الشعبية والمظاهرات والأعياد ومشاهد الشارع اليومية من باعة ونساء وأطفال. لكنه أيضاً لا ينسى الاحتفالات والموسيقى والرقص كمكوّنات أساسية من الحياة في كينشاسا، وإن كان موكيه أميل إلى الروح الشعبية والنقدية في أعماله مقارنة مع شيران.

بعروضها المتقطعة والمتباعدة، وإقامة معرض هنا أو هناك لفنان أفريقي، تبدو المراكز الثقافية الأوربية كما لو أنها تحاول الترويح عن الثقافة الأفريقية، التي ما زالت تعيش التروما وتبعاتها التي سبّبها التاريخ الاستعماري القديم، إلى جانب الشكل الاستعماري الجديد الذي يظهر على شكل شركات عابرة للحدود واستثمارات ضخمة على أرض أفريقية تعود بريعها فقط إلى أصحاب الشركات وليس الأرض.

ذلك أن كينشاسا التي تظهر في ملصق المعرض الذي اختاره "المركز الثقافي الفرنسي" البيروتي هي كينشاسا اللاهية والمبهجة، وليست تلك المنهكة من الفقر بينما هي تقف على أرض من الكوبالت والنحاس واليورانيوم والألماس والذهب وغيرها من المعادن الكفيلة بجعلها إحدى أغنى دول العالم. فأي كينشاسا ستظهر في معرض "الثقافي الفرنسي" المقبل؟

المساهمون