أحمد البوعناني: سيرة صاحب "السراب"

أحمد البوعناني: سيرة صاحب "السراب"

05 فبراير 2017
(أحمد البوعناني بعدسة شقيقه محمد سنة 1970)
+ الخط -


دائماً ما يرتبط الحديث عن تجربة الكاتب والرسام والسينمائي أحمد البوعناني (1938- 2011) بذكر خاصية الفنان المؤرّخ التي وسمت حياته وأعماله وجعلته أحد أبرز رواد السينما المغربية. يحضر البوعناني في فعاليات الدورة السابعة والستين لـ "مهرجان برلين السينمائي" (ينطلق الخميس المقبل ويتواصل حتى 19 من الشهر الجاري) من خلال مجموعة عروض خاصة "حول البوعناني- سينما مغربية أخرى"، وإبراز دوره مع مجايله في تمهيد الطريق أمام الأجيال الأولى للسينما المغربية.

يشتمل برنامج تكريم الفنان المغربي على عرض فيلم "عبور البوابة السابعة" لـ علي الصافي الذي يسجّل فيه نقاشاته مع الراحل في سنواته الأخيرة التي قضاها في عزلته في الجبال. كذلك يعرض المهرجان البرليني تسعة أعمال تعد من العناوين المؤسسة في السينما المغربية (ثلاثة طويلة وستة قصيرة)، ساهم البوعناني في صناعة معظمها، إضافة إلى عرض فيلمين قصيرين لزميله السينمائي والكاتب محمد العفيفي.

في زمن كانت السينما المغربية تفتقد للخبراء والمختصّين في الفن السينمائي، أنهى البوعناني دراسته للسينما في فرنسا عائداً إلى بلاده سنة 1963. بعدها، سيظهر اسم الفنان كشاعر في أعداد مجلة "أنفاس" التي تأسّست سنة 1966، إلى جانب أسماء عبد اللطيف اللعبي وعبد الكبير الخطيبي وغيرهم.

أما سينمائياً، فلم يظهر عمله الأول حتى عام 1966 وهو الفيلم القصير "طرفاية أو مسيرة شاعر"، قبل أن يصنع مع محمد عبد الرحمن التازي وعبد المجيد رشيش فيلما قصيرا آخر بعنوان "6، 12" الذي يبرز فيه أثر فلسفة البوعناني، خاصة في المونتاج والعلاقة مع المدينة. فعبر 17 دقيقة، يرصد الفيلم، عبر الصورة فقط، علاقات أبناء المدينة مع مفاهيم كالعصرنة والتقاليد والحياة المدينية، ملتقطاً وموظفاً تناقضات لمّاحة ومعبرة في ذلك الزمن الذي شهد هجرات كبيرة من الأرياف نحو المدن.

يمتاز البوعناني بتعدد إنتاجاته ضمن حقل الفن السينمائي وخارجه، ففي رصيده فيلم طويل واحد فقط من إخراجه "السراب" (1980) الذي يعد من العلامات الفارقة في تاريخ السينما الروائية التي تحكي عن نضالات الشعوب ضد الاستعمار، إضافة إلى لمسته البارزة في مونتاج أفلام "وشمة" (1970) و"آليام آليام" (1978)، وغيرها.

صدر لصاحب "السراب" ثلاث مجموعات شعرية إضافة إلى رواية "المستشفى" (1990). كذلك عمل الفنان المغربي طويلاً على دراسة يؤرشف فيها للسينما المغربية وتحوّلاتها من الاستعمار حتى الثمانينيات، لم تصدر حتى الآن، شأنها شأن رواية أخرى بعنوان "سارق الذاكرة".

في عام 2006، نشب حريق في بيت البوعناني أيام عزلته، فالتهمت النيران الكثير من وثائقه ومخطوطاته وأُنقذ منها ما أمكن إنقاذه. في ما بعد، سيدفعه موت ابنته إلى عزلة شبه مطلقة سيكسرها رحيله سنة 2011.

المساهمون