"مولانا": التعايش بأدوات سينمائية بالية

"مولانا": التعايش بأدوات سينمائية بالية

04 فبراير 2017
(ملصق فيلم مولانا)
+ الخط -


عقب "الجدل" الذي أثاره عرض فيلم "مولانا" للمخرج مجدي أحمد علي في الصالات المصرية، يواصل العمل عروضه وآخرها اليوم في مهرجان "غوتنبرغ السينمائي" السويدي الذي يختتم في السادس من الشهر الجاري.

في محاولة البحث والاستقصاء عن الجدل الذي رافق عرض الفيلم المأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه لـ إبراهيم عيسى خلال عرضه في الصالات المصرية، لا بد من التوقف عند ما قُدم في العمل، وروج له إعلامياً، على أنه "جريء" قبل بدء مسرحية الاتهامات المتنوعة التي "وجهتها" سلطات متعدّدة في وجه العمل وصناعه.

يروي الفيلم حياة الشيخ حاتم الشناوي (عمرو سعد) الذي تجعله إحدى الصدف نجماً تلفزيونياً متابعاً من قبل شريحة واسعة من الجمهور المصري. هكذا إلى أن يطلبه ابن رئيس الدولة لمساعدته في "هداية" أحد أفراد عائلته الذي قرر اعتناق الدين المسيحي. بعد ذلك يزداد تورّط الإمام مع أفراد من نظام مبارك، ويحاولون تطويعه لتسويق وبثّ الخطاب الديني الذي يتوافق مع مصالحهم.

أحداث وقضايا ثانوية تبدو وكأنها تدور حول ذاتها من دون أن تمتلك محوراً أساسيا يسيّر أحداثها وينظّم الصراعات المتوالدة داخلها، ما جعل الحكاية مفككة وسيناريو العمل خاليا من أدنى مقومات البناء الدرامي، هذا بالإضافة إلى تسطيح شخصية الإمام وتناقضاته، والتأكيد على صورة "الإمام العصري". يضعنا العمل أمام تناقضات لا تنتهي في طرحه للجانب الديني، خصوصاً عند إثارة النقاشات حول السلفية والشيعة والصوفية، وهذا ما يحوّل "الجدل" المفترض الذي تحدّث عنه الإعلام المصري إلى مشهد استكمالي للفيلم يحمل لغة حواره المكتوبة في العمل بمباشرتها الفجة.

يظهر الفيلم إصرار أصحابه على تصوير شرور نظام مبارك وعلاقاته المشبوهة مع المؤسسة الدينية، ومن جهة أخرى يقع صنّاعه في ما يجهدون في نكرانه طيلة الفيلم، حيث يعاد إنتاج الحديث المسطح عن التآخي والتعايش بلغة "سينمائية" من دون بذل جهد لمحاولة تفكيك آليات وبنى تعتمل في داخل المجتمع ومن ثم رصدها في عملهم.

"مولانا" وهنا الـ "نا" تدل على جميع المصريين الذين يتوجب عليهم الالتفاف حول هذا الخطاب الديني الشعبوي المعني بتسطيح الأمور، كيف لا وهذا المولى سبق أن تصدى لسلطة مبارك في الفيلم وكان قوياً وصادقاً في وجه محاولات أجهزة الرئيس المخلوع العبث بالورقة الدينية وصناعة الإرهاب. والأهم من كل ما سبق تبرز "قضية الفيلم" صورة النظام الجديد (نظام السيسي) الذي يمرر إنتاج وعرض أعمال فنية تعالج قضايا شائكة لا توافق عليها السلطة الدينية في مصر ممثلة بالأزهر وكتلة برلمانية تدعمه.

تبدو "قضية" فيلم "مولانا" والجدل المفتعل الذي يصاحبها، محاولة لإبراز صورة نظام السيسي على أنه بتمريره لهذا العمل يحاول التصدي لقوى متطرفة موجودة وفاعلة تسعى لإثناء النظام السيسي عن معركته المخلصة في "محاربة الإرهاب".


المساهمون