ست رسائل: قوة الكتابة وهشاشة الحب

ست رسائل: قوة الكتابة وهشاشة الحب

14 فبراير 2017
(فريدا كالو/ المكسيك)
+ الخط -

تبدو هذه الشخصيات التي عاشت تاريخاً حافلاً بالقوة والسلطة والكتابة والفلسفة، شخصيات ضعيفة وهشّة في رسائل الحب، إنها تشتهي وتستجدي وتخاف الهجر وتتوق إلى اللقاء وتعجز عن التفكير ولا تقدر على العمل... هنا مقتطفات من بعض الرسائل لست شخصيات هي لـ سارتر، وفولتير، وبلزاك، وفريدا كالو، وتولستوي، ونابليون.

من فريدا كالو إلى دييغو ريفيرا

الحقيقة كبيرة جداً، حتى أنني لا أود الكلام أو النوم أو السمع أو الحب. أن أشعر بنفسي عالقة، بلا خوف، خارج الزمان والسحر، داخل مخاوفك، وقلقك العظيم، وفي داخل كل نبضة من قلبك. كل هذا الجنون، لو أنني طلبته منك، أعرف من صمتك أن لن يكون هناك شيء سوى الاضطراب. أسألك العنف، الهراء، وأنت، أن تهبني نعمة، ضوءك ودفئك. أريد أن أرسمك، لكن ليس هناك ألوان، لأن هناك الكثير منها في اضطرابي الملموس من حبي العظيم.

من سارتر إلى سيمون

لوقت طويل كنت أتشوّق إلى الكتابة إليك في المساء، بعد أن تنتهي النزهات مع الأصدقاء التي سأسمّيها "هزائم". أردت أن أجلب إليك بهجتي وأضعها تحت قدميك، مثلما كانوا يفعلون في عصر ملك الشمس. لكني، منهكاً من كل هذا الصخب، كنت أذهب ببساطة إلى السرير.

اليوم أفعل ذلك لأشعر بلذّة، لم تعرفيها بعد، التحوّل القوي من الصداقة إلى الحب، من القوة إلى الرقّة. الليلة أحبّك بطريقة لم تعرفيها فيّ: أنا لست منهكاً من الأسفار ولا غارق رغبة في حضورك. أنا أتقن حبي لك وأحوّله إلى الداخل كعنصر أساسي من ذاتي. هذا يحدث أكثر مما أعترف لك، ونادراً حين أكتب إليك. حاولي أن تفهميني: أحبك بينما أنتبه للأشياء حولي. في تولوز أحببتك ببساطة. الليلة أحبك في أمسية ربيع. أحبك والشباك مفتوح. أنت لي، والأشياء لي، وحبي يغيّر الأشياء من حولي والأشياء من حولي تغيّر حبي.

فتاتي الصغيرة الحبيبة، كما أخبرتك، ما ينقصك هو الصداقة. لكن الوقت حان الآن لنصيحة عملية أكثر. ألا يمكنك أن تجدي امرأة صديقة؟ كيف تخلو تولوز من امرأة شابة ذكية واحدة تستحقك؟ ولكن لا ينبغي أن تحبيها. أنت مستعدة دائماً لأن تمنحي حبك، إنه أسهل شيء يمكن أخذه منك. لا أتحدّث عن حبك لي، الذي هو أبعد بكثير من ذلك، ولكنك سخية في قصص الحب الصغيرة والثانوية، مثل تلك الليلة في "تيفييه" حين أحببت فلاحاً يمشي في الظلام أسفل التل، ويصفّر، وتبيّن أن هذا الفلاح أنا.


من بلزاك إلى الكونتيسة أولينا هاسكا

أنا تقريباً مجنون بك، بقدر ما يمكن للمرء أن يكون مجنوناً بأحد: لا أستطيع جمع فكرتين من دون أن تحشري نفسك بينهما، لم أعد قادراً على التفكير في شيء سواك. رغماً عني، يحملني خيالي إليك. أشدّك، أقبلك، أداعبك، آلاف الخيالات ومداعبات العشاق تتملّكني. أما قلبي، فها أنت فيه، دائماً.

لدي شعور لذيذ بك هناك. لكن يا إلهي ماذا سيحدث لي إن جرّدتني من عقلي؟ هذا المسّ الذي أصابني صباح اليوم يرعبني؟ أنهض كل لحظة وأقول لنفسي "تعال، أنا ذاهب هناك!" ثم أجلس مرة أخرى؟ ثمّة صراع مخيف. هذه ليست حياة. لم يحدث وأن كنت هكذا من قبل.

لقد التهمت كل شيء. أشعر بالغباء والسعادة بمجرّد أن أترك نفسي تفكر بك. أدور حول نفسي في حلم لذيذ وفيه أعيش في لحظة واحدة ألف عام. ما أفظع هذه الحالة! مغلوباً بالحب، شاعراً بالحب في كل مسامي، حياً فقط من أجل الحب، وأرى نفسي مستهلكاً بالأحزان وواقعاً في ألف شبكة عنكبوت. آه يا حبيبتي إيفا، أنت لم تعرفي. أمسك بطاقتك، هاهي أمامي وأتكلّم معك كما لو أنك هنا. أراك، كما رأيتك أمس، جميلة، جميلة على نحو صاعق. أمس، طيلة المساء، كنت أقول لنفسي "إنها لي!". آه الملائكة في الفردوس ليست سعيدة مثلما كنت سعيداً البارحة.


من نابليون إلى جوزفين

أنا ذاهب إلى السرير وقلبي ممتلئ بصورتك الفاتنة... أتحرّق للحظة التي أبرهّن لك فيها عن حبّي المتقد.. كم كنت سأكون سعيداً لو أتيح لي مساعدتك في خلع ملابسك، ذلك الصدر الأبيض المشدود، ذلك الوجه الخليق بالعبادة، ذلك الشعر المربوط بوشاح على طريقة الكريول. تعلمين أنني لن أنسى الزيارات الصغيرة أبداً، تعلمين، الغابة السوداء الصغيرة.. أقبّلها ألف مرة وأنتظر بفارغ الصبر اللحظة التي سأكون داخلها. أن أعيش داخل جوزفين هو أن أعيش في الحقول السماوية. قبلٌ على فمك، على عينيك، على صدرك، في كل مكان، في كل مكان.


من تولستوي إلى فاليريا

أنا أصلاً أحبك لجمالك، ولكني للتو بدأت أحبك لحرارتك الداخلية، لروحك. المرء قد يحب الجمال في ساعة ثم يتوقّف عن حبه بسرعة. لكن الروح لا بد أن يتعلّم المرء كيف يعرفها لكي يحبها. صدقيني، لا شيء يحدث على هذه الأرض من دون كدّ، حتى الحب، أكثر المشاعر جمالاً وعفوية.

من فولتير إلى كاثرين أوليمب دنوفر

(الرسالة كتبت بينما هو هارب بسبب ملاحقته على علاقتهما)

أنا سجين هنا بأمر الملك؛ يمكنهم أن يأخذوا حياتي ولكن ليس الحب الذي أحمله لك. نعم يا عشيقتي الفاتنة، الليلة سأراك، حتى لو كلفني الأمر رأسي. بحق السماء، لا تتحدّثي إلي بهذه الكلمات الكارثية التي تكتبينها؛ عليك أن تعيشي وأن تكوني حذرة من السيدة أمّك كما لو كانت ألد أعدائك.

ماذا أوصيتك؟ حذار من الجميع، ثقي بلا أحد، ظلّي دائماً مستعدّة، ما أن يظهر القمر سأترك الفندق متخفّياً وأستأجر عربة نقودها مثل الريح إلى شيفنينغن، وسأخذ الحبر والورق معي، وسنكتب رسائلنا.

إن كنت تحبينني طمئني نفسك، واستدعي كل قوتك وذكاءك ليساعدانك، ولا تتركي والدتك تلاحظ أي شيء، تذكّري أن أعظم عذاب لن يمنعني عن خدمتك. لا، لا شيء يمتلك قوة تفرقني عنك؛ حبّنا يقوم على الفضيلة وسيدوم طالما نحن أحياء.

 

ترجمة: القسم الثقافي - العربي الجديد 

المساهمون