"تشريح الهزيمة": ليست مجرد درس من الماضي

"تشريح الهزيمة": ليست مجرد درس من الماضي

29 ديسمبر 2017
(مظاهرات في القاهرة ضد تنحي عبد الناصر بعد الهزيمة)
+ الخط -

بعد خمسين عاماً على حرب حزيران عام 1967، يعود مجموعة من الباحثين المصريين للتفكير في الهزيمة التي تعتبر مفصلاً في تاريخ المنطقة، غير أنهم يتناولون تأثيرها على مصر بشكل خاص.

فبعد صدور كتاب "تشريح الهزيمة" (دار المرايا)، الذي شارك في تأليفه كل من خالد منصور (محرر الكتاب)، ومصطفى عبد الظاهر وبلال علاء، وخالد فهمي، وسامح نجيب، ومحمد العجاتي، يحاضر المؤلفون حول العمل عند السادسة والنصف من مساء الرابع من الشهر المقبل، في مكتبة "القاهرة الكبرى".

يتناول كل من المحاضرين الفصل الذي ساهم فيه ضمن الكتاب والرد على الانتقادات التي وجهت إليه منذ صدوره في أيلول/ سبتمبر الماضي، حيث أن المحور الأساسي الذي تتفق عليه الأوراق تقريباً، هو أن السبب في الهزيمة هو غياب الديمقراطية وطبيعة النظام الناصري نفسه.

يقول محرر الكتاب منصور إن اهتمامه بدأ بفهم الهزيمة عام 1996، حين "بدأت وثائق الحكومات الأميركية والبريطانية وغيرها، المتعلقة بهذه الحرب في الظهور بعد انقضاء مدة الثلاثين عاماً التي يتم الحفاظ فيها على سرية معظم المستندات الرسمية في الدول الغربية".

وقد قام الباحث فعلاً بزيارة الأرشيف الأميركي ونسخ المستندات المتاحة للجمهور، والتي قارنها بوثائق أخرى وبكتب ودراسات ومذكرات لقادة عسكريين بهدف التحقق من المعلومات. حيث يركز منصور في ورقته "على الشهور المؤدية ليونيو 1967 مع الرجوع للسنوات السابقة والاستفادة من سنوات لاحقة في فهم ما حدث في هذه الشهور المحورية".

من جهته يتناول الباحث مصطفى عبد الظاهر "الحركات الإسلامية في زمن الهزيمة"، كيف تلقى تيار الإسلام السياسي هزيمة يونيو 1967، في وقت شهدت سنوات حكم عبد الناصر صراعات قاسية بينه وبين جماعة "الإخوان"، ثم رد فعل النظام على هذه التيارات.

في حين يحاضر بلال علاء حول التيار اليساري المعارض الذي نشأ بعد الهزيمة، و"المسكون بتناقضين: الأول هو مشاعره المرتبكة تجاه النظام الناصري، حيث رفض بشكل واضح قمعه الأمني الذي لم يعد ممكناً تبريره بعد الهزيمة، والتناقض الثاني هو أنه في محاولته للظهور كتيار معارض للنظام الجديد، فشل في طرح نفسه بديلاً مناقضاً وجديداً للموجود".

الباحث محمد العجاتي يتناول "الناصرية والهزيمة: انتكاسة أم انهيار للمشروع العربي؟"، حيث يركز على آثار هزيمة 1967 على البعد الخارجي للتجربة الناصرية، مستعرضاً تركيز الخطاب الناصري على البعد القومي، ويذهب العجاتي إلى أن الشعبوية ضمنت درجة من الشرعية، لكن قادت إلى كارثة حزيران.

حول "هزيمة 1967 وفشل الدولة التنموية الناصرية"، يحاضر الباحث سامح نجيب، الذي يستعرض الخطط التنموية للاقتصاد المصري وأسباب الفشل فيها، التي يرى أنها بسبب عجز تجربة الدولة الناصرية عن "مواجهة عدد من التحديات في مجال تطوير القطاع الزراعي، ودعم وتوجيه الاستثمار الصناعي بشكل مركزي، وتطوير القدرات التمويلية، وهو ما أدى إلى الاعتماد المتزايد على القروض والمساعدات الخارجية".

أما المؤرخ خالد فهمي، فيرصد الصراع الضخم الذي دار داخل أروقة النظام المصري بين الرئيس جمال عبد الناصر، والمشير عبد الحكيم عامر، والذي خرج منه الأخير منتصراً، وهو الصراع الذي يعتبره فهمي السبب الرئيسي في الفوضى التي قادت إلى الهزيمة الكارثية أمام إسرائيل. ويتطرق إلى خمس محطات قام بها نظام عبد الناصر قبيل الحرب بأسابيع كانت خلف وقوع الهزيمة، من بينها طرد قوات الأمم المتحدة وإغلاق مضيق تيران.

الكتاب، رغم استناده لمراجع مختلفة ووثائق رسمية وعسكرية وسير ذاتية وشهادات، يبدو أنه وضع بغية الوصول إلى نتيجة واحدة وخدمتها بشتى الطرق ومن كل تيار، وهي أن النظام الناصري جر مصر إلى الخراب والتبعية وفشل التنمية، وأن الهزيمة وقعت بسبب تهورات سياسية غير محسوبة.

كما أن ثمة تساؤلاً أساسياً، حول إن كان موضوعياً أن يقتصر "تشريح الهزيمة" على باحثين مصريين من الواضح أن معظمهم على الطرف الآخر من النظام الناصري، ألم يكن من الأكثر موضوعية ومصداقية أن يجري إشراك باحثين عرب، فالهزيمة ليست مصرية وحسب، أو على الأقل من سورية وفلسطين، ومن تيارات سياسية مختلفة وخلفيات أكاديمية متعددة لكي يكون التشريح منصفاً وعادلاً؟

المساهمون