وقفة مع منير فاشه

وقفة مع منير فاشه

24 ديسمبر 2017
(منير فاشه)
+ الخط -

■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
- ما يشغلني هذه الأيام هو ما شغلني منذ 1971: كيف ننتزع أنفسنا من خرافات وأوهام مدنية القبيلة الأورو-أميركية، ونستعيد الفهم والحكمة كأهم ما نسعى إليه في الحياة. تشمل هذه الاستعادة العيش وفق مقوّماتنا كبشر ومكان وحضارة.


■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟
- آخر إصداراتي بعنوان "حكايتي مع الرياضيات" (مؤسسة تامر). ما أسعى لمتابعته هو الاستمرار في إيجاد أجواء نستعيد عبرها الحكمة في الحياة. أخطر شيء ضد الحكمة هو استهلاك ما هو جاهز (معنى، معرفة، مأكولات، ترفيه...).


■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟
- بالنسبة لي لم يكن الإنتاج أبداً هاجساً. هاجسي الأكبر كان ولا يزال تعميق فهمي وصقل فكري وتعبيري وعلاقاتي مع من وما حولي بما في ذلك حضارتي. الأداة الرئيسية في سعيي هذا، التأمل كل صباح منذ 46 عاماً والاجتهاد في توليف معنى وفهم. هناك آلاف الأوراق المليئة بكتاباتي. أكتب لأغذي عقلي وروحي وعلاقاتي. لا أبدأ بالكتابة على كمبيوتر بل على ورق حيث تلتقي أصابعي وعيناي وفكري وكلماتي، وحيث لا يكون فكري خطياً (كالكمبيوتر) بل يسرح في شتى الاتجاهات.


■ لو قيض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
- الغوص في اللغة العربية للتغذي من الحكمة الموجودة في ثناياها. القبيلة الأورو-أميركية وضعت العقل على العرش وسجنت الحكمة. يحتاج العقل، حتى يكون سليماً، إلى بوصلة، وبوصلة العقل الحكمة. لا أمل للحياة أن تستمر بدون حكمة.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- كفلسطيني لا أرغب بتغيير قدر عودة؛ عودة ليس فقط إلى بيتنا بالقدس الذي وُلِدْتُ فيه وهُجِّرْتُ منه عام 1948 بل أيضاً إلى ما يغذينا كالتربة الأرضية والتربة الثقافية. التغيير الذي أسعى له هو استعادة المناعة الذاتية كأشخاص ومجتمع وحضارة وطبيعة. أهم مكوّن للمناعة على صعيد الشخص هو الشراكة في تكوين معنى، وعلى صعيد المجتمع المجاورة كوسيط للتعلّم.


■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- المسيح الفلسطيني لأسأله كيف يفسّر أن رسالة المحبة التي أطلقها من القدس والناصرة وصلت إلى نقيضها على أيدي مؤسسات عاثت باسمه فساداً عبر قرون، شملت القضاء على شعوب وحضارات ثلاث قارات، ولا تزال، مثل ما فعل جورج بوش في العراق وأفغانستان ودول أخرى حول العالم.


■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
- منذ 1976 أعود باستمرار إلى عالم والدتي الأمية وإلى التجربة الفلسطينية التي عشتها بعمق خلال عقد السبعينيات والانتفاضة الأولى.


■ ماذا تقرأ الآن؟
- ذكرتُ بأني أكتب كل صباح. فقط منذ أشهر بدأت أقرأ ما كتبته عبر سنين. لم أفعل ذلك أبداً في حياتي سابقاً. أشعر حالياً بدافع داخلي قوي لفعل ذلك. كذلك أقرأ ما غُيِّب في المدرسة والجامعة: كتب عربية قديمة بدءاً بـ"البيان والتبيين" للجاحظ.


■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- لـ سيّد درويش سحرٌ لا يزول...

بطاقة: ولد في القدس عام 1941 وهُجِّرت أسرته منها عام 1948. نشر العديد من المقالات بالعربية والإنكليزية وكتباً من بينها "الرياضيات في الاتجاه الآخر" (1980) و"التحرر من احتلال العقول" (1995) و"حكايتي مع الكلمات" (2015) و"حكايتي مع الرياضيات" (2016). يقول عن نفسه: "منذ 1967 أعمل على الشفاء من جراثيم فكرية-إدراكية اكتسبتها عبر التعليم المدرسي والأكاديمي". ورغم أنه درّس الرياضيات في "جامعة بيرزيت" ويحمل شهادة دكتوارة من جامعة "هارفرد الأميركية"، إلا أنه ما انفك يشير إلى أضرار ومخاطر مؤسسات ونظريات التعليم المعاصرة على عافية الإنسان ومستقبله، وبشكل خاص أضرار الاعتقاد بوجود مسار أُحادي عالمي للتعلّم والتقدّم.

دلالات

المساهمون