وثائقي إدوارد سعيد.. فلسطين وجناية الغرب

وثائقي إدوارد سعيد.. فلسطين وجناية الغرب

27 نوفمبر 2017
(إدوارد سعيد)
+ الخط -

"بين الغرب والشرق كان ثمة دائماً تاريخ مشترك"، العبارة التي يفتتح بها الفيلم الوحيد الذي كتبه المفكر الفلسطيني الأميركي إدوارد سعيد (1935-2003) بعنوان "ظلال الغرب" وأخرجه جيف دانلوب، وتعرضه "دارة الفنون" عند السادسة والنصف من مساء الغد في عمّان.

يعود الفيلم إلى العلاقة بين الغرب والشرق تاريخياً، ويناقش سعيد في بدايته الاستشراق من خلال الحديث عن صورة العربي بوصفه (الآخر)، كما تراها وتقدمها أوروبا وأميركا.

يتتبع صاحب "خارج المكان" مسار التدخل الأوروبي في الشرق، من خلال الحملات الصليبية وحملة نابليون على مصر ورحلات التجار والأثرياء الفرنسيين والإنكليز والمستكشفين.

الفيلم يمتد لقرابة ساعة تقريباً، ومنذ البداية يضعنا سعيد في القدس، ويتحدث عن تقسيمها العميق الذي يجعل الفلسطيني المقدسي موضوعاً لأشكال اضطهاد قوات الاحتلال، لينتقل إلى الحديث عن الغيتو العربي الذي كونه الاحتلال داخل فلسطين، ثم يقرأ البلاد كلها من خلال القدس ومعنى الاغتراب داخل الأرض الأم.

يتحدّث سعيد عن نفسه، عن ولادته في القدس، يعرض الفيلم بعض الصور لطفولة صاحب "الاستشراق"، ثم يبني حكاية الشتات الفلسطيني وكيف يصبح مسقط الرأس مكاناً يستحيل الوصول إليه.

ينتقل سعيد للحديث عن الوجود العربي في أميركا، وكيف يلتئم العرب القادمين إلى أميركا بطرق مختلفة وتحت ضغوط مختلفة، ثم كيف يحاول كل العرب إعادة اكتشاف وإعادة بناء هويتهم في المنفى الأميركي.

يقاطع صوت سعيد مذيعة قناة التلفزيون العربي في أميركا، صوت الآذان، عائلات تجتمع على وليمة "منسف"، ارتداء الملابس التقليدية، مطرب فلكلوري، أغاني تراثية، يضرب الراوي (سعيد) مثلاً بأهالي قرية بيت حنينا من قضاء القدس، الذين حافظوا على هويتهم الثقافية والسياسية في أميركا، تفتح الصورة على احتفالاتهم واجتماعاتهم.

بالمقابل يتناول سعيد العرب الذين يقدّمون أنفسهم كما يتصوّر الغرب عنهم، الشرق يتمثل في مقاهيهم واجتماعاتهم بالراقصة الشرقية، وهي شخصية غامضة ومثيرة وقاسية في الأعمال الفنية الغربية.

يقول سعيد في حديث إلى صديقه إبراهيم أبو لغد (1929-2001) "أمضي معظم وقتي غاضباً، لا يمر يوم دون أن أرى قطعة تصوّر العرب من دون موضوعية"، بدوره يتحدث أبو لغد "نحن كفلسطينيين نعاني على مستويين، فهناك مسألة عامة أن تكون عربياً، ثم هناك أن تكون فلسطينياً".

في الفيلم يظهر فدائيون فلسطينيون وجنود احتلال إسرائيلي في جنوب لبنان، لاجئون، أشرطة وثائقية للحركة الصهيونية فلسطين في الأربعينيات، فلسطين الحاضر وقت إنتاج الفيلم عام 1986.

يقابل سعيد الكاتب والسياسي شفيق الحوت (1932-2009) الذي يتحدث عن الهوية الفلسطينية، ويقول إن المستقبل كما يراه هو دولة جارة لـ "إسرائيل"، ولكن هذا لا يعني أنه نهاية الصراع مع إسرائيل ولكنه نهاية الصراع المسلح.

ينتهي الفيلم على موسيقى شرقية ترافق مشهد راعٍ فلسطيني يمشي على حدود المستوطنات، وصوت سعيد يتحدث "القدس مدهشة وتشبة الحلم، لكنها أيضاً واقعية وراهنة"، يتحدّث عن الانسجام المفقود في المدينة التي تتوسط الأراضي المقدسة ويتساءل إن كان من المبكر التفكير في التصالح والاعتراف.

المساهمون