أميديو مودلياني.. بورتريهات لشخصّيات أتعبت راسمها

أميديو مودلياني.. بورتريهات لشخصّيات أتعبت راسمها

26 نوفمبر 2017
(تمثال المرأة - شنيون، من أعمال مودلياني)
+ الخط -

ربما لمعرفتِه بأنه لن يعيش طويلاً بسبب إصابته بمرض السل منذ أن كان طفلاً، قرّر الفنان التشكيلي الإيطالي أميديو مودلياني (1884 – 1920)، أن يرسم كلّ من حوله؛ أصدقاءه الفنانين وجيران الحي والنساء اللواتي قابلهن، وبالطبع حبيبته جيني هيبوتيرن التي خصّها بأكثر من 25 لوحة.

السواد الأعظم من أعماله المعروضة في فرنسا وتلك الموجودة لدى العديد من المقتنين، وأغلبها رسومات عارية، إضافة إلى ما قدّمه في معارضه الناجحة في بريطانيا قبيل رحيله، يحتضنها "متحف تيت" في لندن ضمن معرض افتتح الخميس الماضي ويتواصل حتى الثاني من نيسان/ إبريل 2018.

تُعرض كذلك سلسلة التماثيل السبعة والعشرين التي نحتها من الحجر، وكانت الأقل شهرة بين أعماله، وتميّزت برقابها النحيفة الممدودة وملامحها الحزينة التي تبرز في لوحاته أيضاً، والتي اشتغلها بين عامي 1909 و1914.

كما يستخدم المنظّمون الواقع الافتراضي لتسليط الضوء على أعمال لم يتح إحضارها، في محاولة لفهم حياة قصيرة ومضطربة عاشها صاحب "العروس والعريس" (1915)، والذي لم يؤمّن دخلاً كبيراً من عمله في الفن لكن جنازته الباريسية حضرها عشرات الفنانين المعروفين الذي ربطتهم به علاقة شخصية وحوارات في الفن والنقد.

الجزء الأبرز من تجربة مودلياني وتطوّرها هو ما تظهره عشرات البورتريهات التي خلّدت أصحابه من التشكيليين والكتاب، حيث يقدّم المعرض بورتريه الفنان المكسيكي دييغو ريفيرا (1886 – 1957)، الذي تقاسم معه مرسمه في باريس مدّة من الزمن، كما يجسّد بورتريه آخر الشاعر والكاتب المسرحي الفرنسي جان كوكتو (1889 – 1963)، والتي لم ترق كثيراً للأخير بسبب ملامحها الكاريكاتورية.

كما تُعرض عدّة بورتريهات لصديقته الشاعرة والناقدة الإنكليزية بياتريس هاستنغز، أحد الأسماء المستعارة لـ إميلي أليس هاي (1879 – 1943)، وهي التي وصفته في أول لقاء جمعهما بـ"القبيح والمتوحّش والشره"، لكن صداقة استثنائية جمعتهما لم تخل بالتأكيد من المعارك والمناكفات الدائمة، وهو ما يمكن تلمّسه في اختلاف نظرته إليها من لوحة إلى أخرى.

نعثر أيضاً على بورتريه للقاصة النيوزيلندية كاثرين مانسفيلد (1888 – 1923)، والتي تشاركت مع مودلياني بالمرض ذاته وماتت بسببه، إضافة إلى بورتريه للكاتب والرسام الإنكليزي ويندهام لويس (1882 – 1957)، الذي عانى من أمراض عديدة وانتهى كفيف البصر، وكان واحداً من الشخصيات القريبة منه حتى رحيله.

في عام 1917، يتعرّف مودلياني على طالبة الفن جين هيبوترن فترافقه بقية عمره وينجبا ابنتهما الوحيدة وتصبح الموديل الأبرز الذي رسمه طوال حياته، والتي لم تستطع أن تواصل حياتها وحيدة فانتحرت بعد رحيله بثلاثة أيام.

البورتريه الأكثر جدلاً هو للفنان الإسباني بابلو بيكاسو (1881 – 1973)، وقد يكون العمل الوحيد الذي رسم فيه شخصية معروفة لم تتألم من مرض أو حالات نفسية معقّدة، ما تظهره ملامح صاحب "غارنيكا" في اللوحة، إذ تبدو نظراته هادئة ومثبتة وتعابير وجهه باردة، ومن المعروف أن علاقتهما شهدت تنافساً شديداً بعد عام 1906.

المساهمون