خطان عربيان

خطان عربيان

24 نوفمبر 2017
هادي التركي/ تونس
+ الخط -

تعبنا من سنن الكون، وتعبنا من لا سنن الكتابة. سنن الكون رسّختها قوى فوق طاقتنا. ولا سنن الكتابة، تستنزف قوانا المحدودة، مثل احتلال كلبيّ.

تعبنا، لأننا منذ صرخة الميلاد وقوفٌ على الحافة. حتى إذا جاءت أنّة الموت، اختصرناها إلى ربع أنّة لنفاد الوقود.

قبل يومين، كنت أفكر أن الكاتب، مثل زميله الإسكافي، يحتاج إلى تركيز ليس متاحاً غالباً. واليوم أفطن إلى فساد حيلتي، إذ أتوسل ذلك التركيز مرّة بالنوم ومرّة بالهرب إلى كتاب لاتيني.

فما دامت الرأس ملآنة بغثيث البلاد البعيدة، فمحال أن يصفو المرء حتى وهو في غابة.
ذلك أن وجودك الفيزيائي في غابة من شجر وطيور وماء وحروف لاتينية، لن يغطي على وجود أهل لك في غابة مرقطة من عسف وعسكر. إنه يفعل العكس: يعذبك ويعيدك إليهم، فلا تنسى ولا تأتنس بأجمل ما أعطت الطبيعة والبشر.

تعبنا: على الخطين المتوازيين أن يلتقيا ولو مرةً من أجل خاطر الشعراء. هؤلاء العاطفيون منبتّو الصلة بالرياضيات، ما ذنبهم إذا كانت المذكورة صارمة؟ إنه سؤال إنساني في المقام الأول.

وإلا، فهي القناعة بأن عدم التقاء الخطين هو ما سيورّث أجيالاً في بطن الغيب، وزرَ ما نكتب.
فيا أيها الخطان العربيان المتوازيان: من أجل خاطرنا، التقيا.

المساهمون