في خدمة الأخطاء

في خدمة الأخطاء

19 نوفمبر 2017
عماد جميّل/ تونس
+ الخط -

اعتاد رئيس وزراء بريطاني على تكرار خطأ في تهجئة لفظة "غداً". كان الخطأ مزمناً، لهذا لفت نظري إلى الأخطاء المزمنة التي ترتكب بحق الأزمان الثلاثة: الماضي والحاضر والمستقبل، ولكن في الثقافة العربية.

كيف؟ الخطأ هنا ليس بالتهجئة، بل في الجوهر، بتحويل صيغة الحاضر إلى صيغة الماضي، أو العكس. وأحياناً بتحويل صيغة المستقبل إلى صيغة الحاضر أو الماضي. فلا يعرف المستمع أو المشاهد هل يجري الحديث عن ماضٍ بصيغة الحاضر، أم عن حاضر بصيغة الماضي، أم عن مستقبل بصيغة الماضي.

هل الخطأ في اللغة؟ لو كان الأمر كذلك، لأمكن تعديل المسار في الزمن ببضعة تصحيحات، فيصحو السائرُ في نومه نحو الماضي، ويحوّل مساره نحو المستقبل، أو يصحو على حاضره ويبدأ بالتطلع إلى الأمام لا إلى الوراء. ولكن من المؤكد أن الخطأ ليس في التهجئة أو اللغة، بل في كيفية النظر والرؤية والتفكير، أي في مناهج التفكير. وما اللغة إلا ضحية مسكينة تقولبت واتسقت لخدمة هذه الأخطاء.

يُطلق على هذا لقب التفكير الماضوي، أي التفكير الذي يحيل كل مشاكله إلى الماضي، وهناك يبحث عن حلول لها. وإلى أن يأتي الخبر اليقين، يكون مرّ الماضي والحاضر ولحقهما المستقبل خفية. بالطبع يجري الزمن في كل مكان، والمكان متعدد مثلما الزمن، لهذا يظل التفكير الماضوي عدواً لتعددية الزمن والمكان، ووفياً لوحدانية الماضي فقط.

دلالات

المساهمون