ريتشارد ويلبر.. رحيل عن تغيّرات جميلة

ريتشارد ويلبر.. رحيل عن تغيّرات جميلة

19 أكتوبر 2017
(1921 - 2017)
+ الخط -
استحوذ الشاعر والمترجم الأميركي ريتشارد ويلبر (1921 – 2017) الذي رحل في بيته في مدينة بيلمونت منذ أيام، على اهتمام الصحافة والنقّاد حتى نشره قصيدته الأخيرة "سكّر مابلز، يناير" عام 2012، واستحق مكانته بجدارة وإن لم يكن من أكثر شعراء بلاده مقروئية وانتشاراً.

مثل كثير من أبناء جيله أنضجته الحرب العالمية الثانية باكراً، وهو الذي خدم في جيش بلاده عامين خلالها، فصدرت مجموعته الأولى "التغيّرات الجميلة" (1947)، التي عبّرت عن رؤية مثقّف يؤمن أن الشعر سيمنحه مكانة مرموقة سواء في مساره الأكاديمي أو في المشهد الثقافي عموماً، وبدت الماركسية حينها هي الأقرب لأفكار ذلك الجيل ومنهم ويلبر.

رغم ميله إلى الغنائية خلافاً لموجة العبث والتجريب الصاعدة في الشعر الأميركي التي تصّدرتها سيلفيا بلاث (1932 – 1963) وألين غينسبرغ (1926 – 1997)، إلا أنه حاز تقديراً نقدياً منذ بداياته ونال جوائز عديدة، منها "جائزة الكتاب الوطني" عن مجموعته "أشياء من هذا العالم"، التي وصف الشاعر والناقد راندال جاريل إحدى قصائدها المعنونة بـ"جدار فونتين الباروكي في فيلا سسيارا" بأنها "واحدة من أكثر القصائد اكتمالاً لشاعر أميركي".

ولد في مدينة نيويورك لوالد يعمل رسّاماً تجارياً ووالدته تنتمي إلى عائلة أسّست العديد من الصحف النيويوركية، وربما كان لنشأته أثر في مساره حياته الثابت منذ تخرّجه من "جامعة إميرست" وعمله محرّراً ادبياً في الصحيفة التي تصدرها، بعد ذلك نال درجة الماجستير من "جامعة هارفرد" وعيّن فيها باحثاً في الدراسات الأميركية، وهناك التقى الشاعر روبرت فروست (1876 – 1963) الذي ترك تأثيره واضحاً في كتابة ويلبر ورؤيته للشعر.

لم يلتفت صاحب "احتفال وقصائد أخرى" (1950) لآراء الصحافة في تجربته التي لم تكن متسقة مع المزاج العام، وانصب جهده على الكتابة إلى جانب عمله الأكاديمي والبحثي وانكبابه على الترجمة، حيث نقل عدداً من الأعمال المسرحية عن الفرنسية؛ من بينها: "مدرسة الزوجات" و"مدرسة الأزواج" و"طرطوف" و"دون جوان" لـ موليير، و"فيدرا" و"أندروماك" لـ جان راسين، و"السيد" و"الوهم الكوميدي" لـ بيير كورني.

كتب ويلبر قصائده متحمسّاً لمواقفه السياسية والاجتماعية، فأيّد احتجاجات الطلاب عام 1970 التي عبّروا فهيا عن رفضهم لغزو الرئيس ريتشارد نيكسون لكمبوديا أثناء حرب فيتنام، وظلّ محافظاً على علاقته بالحركة الطلابية.

بعد تقاعده من العمل في "كلية سميث" نهاية الثمانينيات، تفرّغ صاحب "المشي إلى النوم" للكتابة حتى نهاية حياته، حيث نشر مجموعته الأخيرة "أنتيرومز" (2010) وحظيت بمراجعات نقدية عدّتها قطعة مهمّة يتأمل من خلالها الشاعر طفولته وحياته والشعر.

المساهمون