ماسينيسا سليماني: الفرد مستسلماً للجميع

ماسينيسا سليماني: الفرد مستسلماً للجميع

13 أكتوبر 2017
(من أعمال المعرض)
+ الخط -

تحت عنوان "الأشياء التي صنعتموها تحيط بي"، يتواصل معرض الفنان الجزائري ماسينيسا سليماني في غاليري "آن سارة ينيشو" في باريس حتى 22 من الشهر الجاري، بعد عدة أعوام على معرضه الفردي الأول الذي أقيم في العاصمة الفرنسية عام 2013 في الغاليري نفسه.

يقول الفنان (1980) في واحدة من المقابلات معه "أنا مهووس بالعمل في الفن بأقل الوسائل"، ويظهر ذلك في أعماله المتقشفة، المرسومة بقلم الرصاص الباهت أو الألوان الخشبية على أوراق عادية قد تكون ممزقة.

هذه المواد العادية، إلى جانب التواضع في طريقة استخدامها تمنح العمل قوة من نوع مختلف، موضوعها مكان الفرد الوحيد في المكان الجمعي الكبير، مستمدّة قوتها من السخرية المريرة والتي لا تظهر بشكل مباشر، بل تخيّم على اللوحة كطيف.

مادة سليماني منفصلة تماماً ولا منتمية للمكان الذي أتى منه، هو الذي عاش في الجزائر الجزء الأكبر من حياته قبل أن ينتقل إلى فرنسا، لم يحمل معه شيئاً من التراث التشكيلي الجزائري.

تحدُث لوحة سليماني في مساحة صغيرة تبدو كما لو كانت حميمة، وعادة ما يكون بطلها فرد وحيد من دون معالم واضحة، لكن ذلك لا يعني أن تخلو المساحة من العالم الخارجي، بل ومن شعرية ما، كما لا يغيب الاجتماعي والسياسي أيضاً. هذا الفرد قد نجده بلا ملامح، حاملاً راية بيضاء من ورق دفتر عادي، إنه مستسلم للعالم الخارجي ويعبر عن هذا الخضوغ بأكثر الوسائل ابتذالاً.

في اللوحات التي تدور في الشوارع والأزقة، نجد مساحات باردة وكبيرة، وقلة من الأشخاص يقومون بعمل يبدو كما لو كان أشغالاً رسمية، توهم المتلقي بأنها أعمال منتجة لكننا لا نرى لها أثراً. عناوين مجموعات الأعمال تقول الكثير عن مزاج الفنان؛ "الأفق كان هنا"، "طقس سيء"، "ذاكرة محتملة"، "المشي تحت سماء بيضاء"، "مسوخ"، أما في مجموعة لوحات "البيانات من الخارج" فيتناول سليماني علاقة القوى الأمنية بالمواطن في الشارع، التفتيش والملاحقة والتصوير من بعيد.. إلخ

السخرية السياسية تظهر في أعمال بعينها؛ مثل الشبح الذي يخرج من صندوق الاقتراع، أو مسؤولة الأمن التي تصور مبنى من بعيد، وكذلك يظهر الفقر وطوابير العمال والعتالين.

إلى جانب الرسم يشتغل سليماني على الرسوم المتحركة والتجهيز. ومن أبرز ما اشتغل عليه في هذا السياق، مشروع "1000 قرية"، وهو رسومات متحركة تناولت مشروع إسكان ظهر في الجزائر في السبعينيات، وكان يجري الحديث فيه عن بناء "قرى اشتراكية"، هدفه إخراج القرى والأماكن البعيدة عن المركز من العزلة والتهميش، والذي انقلبت معظم نتائجه إلى مشكلات من نوع آخر له تبعات اقتصادية سيئة على المزارعين في تلك القرى.

"الأشياء التي صنعتموها تحيط بي"، عنوان المعرض الحالي، الذي حمّله الفنان علاقة الفرد بالخارج، الأشياء التي صنعتها السياسة وتلك التي صنعها المجتمع، كل شيء يحيط بهذا الفرد الذي لا يفعل شيئاً سوى أن يرفع الراية البيضاء.

دلالات

المساهمون