احتفالات "الثقافة" بالانتصارات: انفصام السلطة

احتفالات "الثقافة" بالانتصارات: انفصام السلطة

30 يناير 2017
(تدمير المتحف الوطني العراقي عام 2003، تصوير: باتريك روبرت)
+ الخط -

لا تكاد تخلو فعالية تُنظّمها وزارة الثقافة العراقية خلال الشهر الماضي من إشارة إلى انتصارات الجيش في معارك الموصل ضد داعش، إضافة إلى احتفالات مخصّصة لهذه المناسبة، تتضمّن عروضاً فنيّة وموسيقية لشخصيات وفرق مغمورة تُقدّم منتجاً تغلب عليه السطحية والضعف من أجل الدعاية لـ"منجزات" السلطة في عراق ما بعد الاحتلال.

في هذا السياق، أعلنت الوزارة منذ يومين عن "إنهاء أعمال المسح التراثي في الموصل بغرض توثيق 132 مبنى تراثي تشمل بيوتاً ومساجد وكنائس ومدارس وتكايا وحمامات ومراقد"، وهنا يطلّ التساؤل حول الفشل الرسمي المتواصل في حماية هذه المعالم بسبب الاضطرابات الأمنية في معظم البلاد،  حيث لا تزال الآثار العراقية هدفاً سهلاً للنهب والتدمير إلى اليوم.

ما يثير الانتباه أيضاً في احتفالات "الثقافة" مؤخراً بمرور 96 عاماً على تأسيس الجيش والشرطة العراقيين، هو تكريسها الانفصام عن الواقع الذي تعيشه السلطة في بغداد، فهذين الجهازين قد تمّ حلّهما عام 2003 بشكل كامل، وأنشئ بديل عنهما بهيكلة وقوات جديدة لا صلة لها بما قبلها.

استدعت القطيعة مع مرحلة الحكم السابق اللجوء إلى خطاب ثقافي يحاول عبثاً التغطية على الخلل المتمثّل بضعف النظام الحالي وتعدّد ولاءات أركانه إلى قوى إقليمية ودولية، وعلى التقاسم الطائفي والإثني في الحكومة ومؤسساتها، وعلى تراجع البنية التحتية ومستوى الخدمات والمعيشة لدى المواطن العراقي.

التأكيد المتواصل على "التحام الشعب مع جيشه"، و"وحدة مكوّناته"، وغيرها من مفاهيم تكرّرها وزارة الثقافة في احتفالاتها التي لا تنتهي، تبدو محاولات لنفي الوقائع على الأرض التي تناقض كلّ هذه الشعارات.

على هذا المنوال أتت الفعاليات - التي نُظمّت بمناسبة الانتصار على داعش – مفرّغة من مضامينها، فاُفتتح معرض تشكيلي بعنوان "أنا مع جيشي" شارك فيه عدد كبير من الفنانين، وخصّصت جملة نشاطات تحت العنوان ذاته، بحسب بيان الوزارة.

كما حملت الدورة السادسة من مهرجان "لبيك يا عراق"، الذي انطلق الخميس الماضي شعار (قادمون يا نينوى)، وهي تظاهرة احتشدت بكلمات المسؤولين التي تمجدّ "بطولات" السلطة وجيشها، والعديد من الأمسيات الشعرية والموسيقية التي يقدّمها عادةً شعراء وفنّانون من الدرجة العاشرة، الذين توزَّع نتاجاتهم على شكل كتيبات وكاسيتات تذكّر بما كانت تروّجه أنظمة شمولية، مع فارق بسيط أنها تحتوي مضامين ذات دلالات دينية وطائفية لا قومية ووطنية.

دلالات

المساهمون