"مالمو للسينما العربية": خيارات جمالية

"مالمو للسينما العربية": خيارات جمالية

19 سبتمبر 2016
(من الدورات السابقة)
+ الخط -

في مدينة مالمو السويدية، يُقام مهرجان سينمائي عربي، يهدف إلى ترجمة "الحاجة الثقافية المشتركة بين العرب والسويد" و"تعريف السويد، وأبنائها والمقيمين فيها، إلى الثقافة العربية، عبر السينما، باعتبارها مرآةً تعكس الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية"، ولأن أبرز مقاصدها كامنٌ في "التعريف بالتراث والفولكلور والفن"، تبعاً لتنوّع المواضيع التي تُعالجها، وشموليتها.

التعريف الرسمي بـ "مهرجان مالمو للسينما العربية"، الذي يصل نهاية أيلول/ سبتمبر الجاري إلى دورته السادسة، مثيرٌ لتساؤلات نقدية، إذ يُحيل السينما إلى رابطٍ بين نتاجاتها وسمات بلد تخرج منه، تتعلّق بفنون شعبية (تراث، فولكلور)، وإن تكن أساسية في تحديد هوية البلد، وتشكيل بعض تاريخه وثقافته وسلوكه. لكن ربط السينما بها اختزال للفن السابع، لأنه أشمل من أن يُحاصَر في نوع فني واحد، وإنْ يُضاف إلى التراث والفولكلور تعبير "فن"، الفضفاض والقابل لأنماطٍ إبداعية كثيرة.

لن تكون السينما مرآة اجتماع وثقافة واقتصاد فقط، وإن تكن مسالك الحياة هذه جزءاً من الفضاء البصري الخاص بها، ومن العيش اليومي. هناك حراك سينمائي عربي شبابي يتحرّر من الإيديولوجيا، ليبلغ انفعالاً وذاتاً وروحاً في عمق الفرد، وفي علاقته بالجماعة، بعيداً عن عناوين كهذه.

ومع أن بلوغ هذه المراتب يمرّ في الاجتماع والثقافة والاقتصاد أحياناً، إلّا أن السينما العربية حديثة الإنتاج (على الأقلّ) تعثر على دروبٍ مختلفة، لتحقيق تواصلٍ بصريّ مع المسائل والمشاغل والأسئلة كلّها.

بعيداً عن تحليلِ تقديمٍ مهرجان سينمائي معني بتفعيل حوار بين العالم العربي والسويد، أحد بلدان أوروبا المنشغلة بالهمّ العربي منذ سنين طويلة، يُشار إلى أن الدورات الخمس السابقة تُصبح، عشية بدء الدورة السادسة في الثلاثين من الشهر الجاري، تأسيساً عملياً لحراك سينمائي عربي، في مالمو، على أن تتقدّم الدورة الجديدة خطوات إضافية إلى الأمام، في تفعيل تواصل ثقافي فني مطلوب، وفي تنويع الخيارات، لكشف جوانب متفرّقة من الحياة العربية ونتاجاتها السينمائية، ولكشف أساليب عديدة في مقاربة الجوانب نفسها، أيضاً.

وهذا، إذ يتحقّق في دورات سابقة، وإن بروية، يحمِّل المهرجان، عاماً تلو آخر، مزيداً من مسؤولية التورّط الجمالي في الخيارات الفيلمية، وفي تحريض سينمائيين عرب مختلفي الأمزجة والهواجس وأساليب الاشتغال على المشاركة بأفعالهم الإبداعية في دورات لاحقة. فالصورة أولاً، والموضوع أيضاً. أمّا الاختيار، فيرتكز على المفاهيم الجمالية والدرامية والفنية، وعلى أشكال تقنية معتمدة في المعالجة والبناء السينمائي وإدارة الممثّلين، قبل أي شيء آخر، يتعلّق بالجغرافيا مثلاً.

"مهرجان مالمو للسينما العربية" يُفعِّل حضوراً عربياً وثيق الصلة ببيئاته الأساسية، وبإنتاجات تلك البيئات، مختلفة المضامين والحكايات وأساليب السرد والقول. أما المسائل الأخرى، فلها قراءة مقبلة.


المساهمون