لا أيقونة مثل حنظلة ناجي بعد

لا أيقونة مثل حنظلة ناجي بعد

29 اغسطس 2016
(1937 - 1987)
+ الخط -

كان صعباً جداً على ناجي العلي (1937-1987) مفارقة قريته "الشجرة" مع أهله واللجوء إلى لبنان والاستقرار في خيمة للأمم المتحدة وهو ما زال في العاشرة من عمره. هناك، تحوّلت الخيمة إلى مخيم، وتحوّل اللاجئون إلى فدائيين فكان لا بدّ من حنظلة.

ولد حنظلة في العاشرة في عمره، وسيظل هكذا، مثل رسّامه حين أجبر على ترك فلسطين، وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعدُ في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء.

اختار ناجي رسماً نمطياً للاجئ الفلسطيني، فأصبح اللاجئ علامة مسجلة أو ختماً على كل إبداعات العلي.

في حديث إلى "العربي الجديد"، يقول صديق ناجي، محمد المحمود، وهو أستاذ متقاعد رافق حنظلة منذ ولادته كفكرة في عين الحلوة، إن "ناجي كان مبدعاً بالفطرة ولخّص اللجوء بابتداع شخصية".

ويضيف "حنظلة هو اللاجئ الفقير، ثيابه ممزقة كما مشاعره وأرضه، شعره واقفاً من خوفه وتخوفه من المستقبل، ونظراته دوماً باتجاه فلسطين. هكذا أراد ناجي تلخيص كل مسيرة الفلسطينيين".

أما سبب تكتيف يديه، فيقول العلي، في أحد حواراته، "كتّفته بعد حرب أكتوبر 1973 لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأميركية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبّعاً".

ظهر حنظلة أول مرة عام 1969 في صحيفة "السياسة" الكويتية، حيث انتقل ناجي إلى العمل في الكويت عام 1963. يقول المحمود "ناجي لم يتأقلم كثيراً مع الحياة في الكويت علماً أن الصحف هناك أعطته حرية كبيرة، لأنه كان يحبّ التواجد في الحدث ومع الناس، لذلك عاد إلى بيروت والتحق بصحيفة "السفير" اللبنانية، لكنه انتقل مجدداً في عام 1982 إلى الكويت وعمل في جريدة القبس".

الضغوط السياسية لاحقت حنظلة وصاحبه، لذلك أُجبر العلي عام 1985 على الرحيل إلى لندن، وهناك اغتيل بعد عامين، في مثل هذا اليوم من 1987.

كان ناجي قد واصل في لندن، مقاومة كل الإغراءات والضغوط، وبقي حنظلة ناقداً لاذعاً تخطى كل الحدود وواجه مباشرة بأفكاره.

هذا النقد أوجد شخصيات أخرى رافقت حنظلة في مسيرة العلي، مثل شخصية فاطمة التي لا تعرف المهادنة، بعكس زوجها الذي لم يكن بمستواها. وهناك شخصية سمينة بمؤخرة عارية تمثّل "القيادات الفلسطينية والعربية المرفهة والخونة والانتهازيين"، وشخصية الجندي الإسرائيلي طويل الأنف، الذي يكون في حالة ارتباك أمام الحجارة التي يرميها أطفال فلسطين.

إلى اليوم، استمر حنظلة وعاش رغم استشهاد صاحبه. وإلى اليوم لم يظهر ناجي آخر ولا حنظلة جديد، ما زال الأيقونة الفلسطينية والعربية التي تعادل المقاومة والحرية.

المساهمون