ذوبان عصر

ذوبان عصر

24 اغسطس 2016
جورج بهجوري/ مصر (مقطع من لوحة)
+ الخط -

من الصعب أن نجيب على تساؤل يقول: هل حالة الانفصال بين الشعر والأغنية تتسع أم تتقلص؟ فمقارنة بعقود خلت لم يعد يوجد ذلك الاستدعاء الفوري للقصيدة في الموسيقى منذ أن ذهبت معظم المشاهد الشعرية في العالم أو كلها نحو الكلمة المنثورة، ولكن من جهة أخرى فإن النصوص الشعرية الجديدة وجدت في التطوّر الموسيقي أفقاً يستوعب شيئاً من رغباتها.

من المؤكد اليوم أن تلك القرابة الظاهرية بين الشعر والأغنية أفضت إلى مسارين مختلفين تماماً، فالشعر مع تعدّد تعريفاته وتجاربه وأشكاله بات أضخم من التمثل الغنائي، بل لعله يستهجنه. وفي المقابل، عرفت الأغنية في زماننا تشظّياً في أنماطها وباتت تعرّف نفسها بعيداً عن النص الذي يأتيها جاهزاً أو يعتبر نفسه نقطة انطلاقها.

في المشهد العربي، تتجلّى مثل هذه التباعدات والاحتكاكات، وهو مشهد أقرب إلى التصريح بالقطيعة بين العالمين. فهنا شعر بات مكتفياً بذاته لا يطمح إلى التلحين، وهناك أغنية تنظر إلى نفسها كما تفعل القصيدة، وفي الخلفية تشوّهات عديدة يعاني منها هذا وذاك فيزيد من تعميق الفجوة.

ثمة زاوية تؤكد على هذا التباعد، وهي ذوبان عصر التعاونيات بين الملحنين والشعراء. التعاون بات أشبه بتقاطعات لا غير، ولا شيء يؤكد على رضا الشاعر على الصيغة الموسيقية لنصوصه؟ وهل أنه ما زال يعتبر الأغنية مسربه نحو جمهور أوسع؟ كل شيء قد تغيّر في هذه المناطق..


المساهمون