بوعلام بسّايح: رحيل بجوار السلطة

بوعلام بسّايح: رحيل بجوار السلطة

29 يوليو 2016
(بسايح بجوار الرئيس الجزائري بوتفليقة)
+ الخط -

قبل أيام قليلة، أثار تعيين بوعلام بسّايح في منصب مستشار وممثّل شخصي للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة موجةً من الجدل والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.

لم يكُن مردّ ذلك هو التشكيك في كفاءة بسّايح الذي عُرف كاتباً في عددٍ من المجالات التاريخية والأدبية ومناضلاً في الثورة التحريرية ومسؤولاً تولّى مناصب رسمية عديدةً، بل بسبب تقدّمه في السن؛ حيثُ شكّك كثيرون في قدرة الرجل، الذي يبلغ من العمر 86 عاماً، على تأدية مهامه تلك، كما رأوا في تعيينه تأكيداً على أن "جيل الثورة" مصمّم على التمسّك بالسلطة حتى النهاية في بلد كثيرٌ من مسؤوليه، ومنهم الرئيس نفسُه، يتجاوزن العقد التاسع من العمر، ما يعني زيف مقولة "تشبيب" مؤسّسات الدولة التي ظلّت تُردّد منذ الاستقلال.

ومنذ تعيينه في حزيران/ يونيو الماضي، لم يُسجَّل لـ بسّايح (1930 - 2016) أي نشاط رسمي أو ظهور إعلامي، وسط حديث عن عدم استقرار وضعه الصحي. وبعد قرابة 47 يوماً، أُعلن عن خبر رحيله أمس في أحد مستشفيات الجزائر العاصمة.

وُلد بسّايح في محافظة البيّض، جنوبي غرب الجزائر. وعلى غرار أبناء العائلات المحافظة، تعلّم القرآن في منطقته، قبل أن يواصل تعليمه حتى حصل على دكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية. ومع اندلاع الثورة التحريرية (1954 – 1962)، التحق بصفوفها عام 1957، وعُيَّن عضواً في الأمانة العامّة لمجلسها الوطني.

ألّف الراحل عدداً من الكتب والدراسات التي انتقل فيها بين التاريخ والأدب، أو جمع بينهما معاً؛ من خلال الاهتمام بسير شخصيات تاريخية وأدبية؛ ومن بين تلك المؤلّفات (جميعها صدرت باللغة الفرنسية): "محمد بلخير: الراية المحرّمة" (1976)، "من الأمير عبد القادر إلى الإمام شاميل بطل الشيشان والقوقاز" (1997)، و"من لويس فليب إلى نابليون الثالث الأمير عبد القادر، مهزوم لكن منتصر" (2002)، و"في جذور الأصالة: المقاومة بالسيف أو القلم" (2002)، و"عبد الله بن كريو: شاعر الأغواط والصحراء" (2003)، و"الجزائر الجميلة والثائرة من يوغرطة إلى نوفمبر" (2004).

إلى جانب تلك المؤلّفات، كتب بسّايح سيناريو فيلم "الشيخ بوعمامة"، أحد أبرز رموز المقاومة الشعبية ضدّ الاستعمار الفرنسي، والذي أخرجه بن عمر بختي (1941 – 2015) عام 1985، وقد كان بسّايح خلال تلك الفترة وزيراً للثقافة. كما ارتبط اسمه بمشروع فيلم "الأمير عبد القادر"؛ حيثُ ظلّ يتردّد إعلامياً أنه كتب سيناريو للعمل الذي عُهد به إلى المخرج نفسه، لكنه "أُوقف بقرارٍ سياسي"، قبل أن يُعاد بعثُ المشروع مع وصول الرئيسي الحالي إلى السلطة نهاية التسعينيات. لكن المشروع عرف المصير نفسه. تردّدت أسماء عددٍ من كتّاب السيناريو والمخرجين الذين يُفترض أن ينجزوا الفيلم، لكنه لم ير النور، ولم تُصوَّر منه لقطة واحدة، مع أنه (للمفارقة) استهلك معظم الميزانية الضخمة المخصّصة لإنجازه.

عمل بسّايح، أيضاً، أستاذاً للأدب العربي، كما تولّى عدّة مسؤوليات في أعلى هرم السلطة؛ من بينها رئاسة المجلس الدستوري وعدّة وزارات، وعمل سفيراً للجزائر في عدد من البلدان. ولعلّ بقاءه قريباً من السلطة (يوصف برجل ثقة الرئيس)، أو جزءاً منها في كثير من محطّاته، كان له أثرٌ سلبي على جانبه البحثي؛ حيث ظلّ اسمه يُذكر كمسؤول سياسي، أو كمثقّف سلطة، أكثر ممّا يُذكر ككاتب أو مؤرّخ.

المساهمون