لاجئون هنا وفي كل مكان

لاجئون هنا وفي كل مكان

25 يونيو 2016
(من المعرض)
+ الخط -

هل ترى ما أرى؟ سؤال يتصدّر مجموعة من الصور في معرض حمل عنوان "لاجئون" افتُتح، هذا الأسبوع، في مقرّ الأمم المتّحدة في نيويورك، ويستمر حتى أيلول/ سبتمبر القادم.

المعرض الذي تنظّمه مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بالتعاون مع حملة الأمم المتحدة للعمل على أهداف التنمية المستدامة وإدارة الأمم المتحدة للإعلام، يضم أربعة أقسام تتناول قضايا متعلّقة بحياة اللاجئين. ولكنه يركّز على حياة اللاجئين السوريين في دول عربية مختلفة؛ كالأردن ولبنان، كما يتناول حيوات لاجئين عراقيين، ولاجئين من جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي.

أحد أبرز الأقسام في المعرض هو مشروع "بوابة حوار الزعتري"، وهو عبارة عن شبكة من الحاويات الضخمة الناقلة للذهب، زُوّدت بتكنولوجيا بصرية وسمعية تعمل على الربط بين الأفراد حول العالم.

عن فكرتها، تقول كرستين غوتكس، وهي من المنظّمين، في حديث إلى "العربي الجديد": إن "هذه الحاويات الضخمة عازلة للصوت، وعندما يدخل شخص داخلها يمكنه أن يتحدّث إلى لاجئ أو لاجئة في مخيّم الزعتري والتعرّف عليه وعلى حياته بشكل أفضل. ولكن الأمر لا يقتصر على مجرّد الحديث، بل إن التقنية تتيح العزف أو العمل على مشاريع مختلفة معاً".

تشير غوتكس إلى أن الحاويات وُضعت بمدن مختلفة حول العالم ولأهداف مختلفة. وتؤكّد أن وضعها داخل الأمم المتّحدة يتيح للعاملين في هذه المؤسّسة الضخمة، من وفود دبلوماسية وصحافيين وموظّفين، التواصل وبشكل مباشر مع اللاجئين.

أما تلك التي وُضعت في سان فرانسيسكو، في منطقة السلكون فالي، تضيف المتحدّثة، فهدفها أن يتعرّف العاملون في مجال الحوسبة والتقنيات على اللاجئين، وأن تؤدّي هذه المعرفة، ربما، إلى تحقيق بعض المشاريع المشتركة التي يمكن إنتاجها بفضل التعارف وبمساعدة التقنية. كما يمكن لأي زائر أن يحجز على موقع المعرض طلباً من أجل لقاء شخص من المخيّم.

المتجوّل بين أعمال المعرض، تلفته إضافةً إلى الصور، تلك التعليقات التي ذيّلت كلّ واحدة منها. الأمر لا يتعلّق هنا بمجرّد شرح مباشر للصورة ومعلوماتها التقنية، بل بنصوص قصيرة أقرب ما تكون إلى الشعر.

نقرأ "أنظر إلى هذا السياج الشائك فيتراءى لي واقعنا، ثم أنظر إلى ما خلفه فأرى الأمل". يذيّل هذا التعليق صورة التقطها الشاب أحمد، 17 عاماً، من مدينة درعا، والذي يعيش الآن لاجئاً في مدينة زحلة اللبنانية.

أنجز أحمد الصورة ضمن مشروع أقامته الأمم المتّحدة في لبنان والأردن، عام 2014، وتتلخّص فكرته بتعليم مجموعة من اللاجئين التصوير وإعطائهم كاميرات ليوثّقوا حياتهم وكيف يرون العالم من حولهم. تتميز الصور، كما التعليقات، بحس مرهف يعبّر بكلمات بسيطة عن همومهم الإنسانية ورؤيتهم لعالمهم الجديد.

أمّا شفاء، 15 عاماً، فذيّلت الصورة التي التقطتها بهذا التعليق: "أحاول أن أغطّي وجهي الحزين بمنديل أحمر، كي يبدو حزني جميلاً"، وهي صورة من ضمن المشروع نفسه الذي حمل اسم "هل ترى ما أرى؟".

تضمّنت الأقسام الأخرى في المعرض، مشروعاً فوتوغرافياً يوثّق للأماكن التي ينام فيا اللاجئون من الأطفال، بينما يأخذ الثاني ثيمته من الأشياء التي قرّر بعضهم أخذها معه قبل أن يضطر لترك وطنه.

هناك شروحات عن كل صورة وبعض المعلومات عن حياة من فيها. وقد تبدو بعض تلك الشروحات ساذجة أحياناً. لكن، على الرغم من ذلك، فإنها تجعل أرقاماً؛ مثل 65 مليون نازح ولاجئ حول العالم، ذات وجوه وأسماء وقصص وليست مجرّد أرقام تمرّ مروراً شبحياً أمام ملايين البشر في نشرات الأخبار.

يتميّز المعرض عن غيره من المعارض المشابهة حول الموضوع، ليس فقط بجزء تفاعلي يسمح للزائر في نيويورك أن يتحدّث مع أحد اللاجئين بشكل مباشر أو أن يبني مشروعاً معه، بل كذلك بوجود أعمال للاجئين أنفسهم يصفون من خلالها حياتهم. محاولات تبدو مخلصة، لكن ضمير العالم يبدو أكثر تحجراً من أن تؤثر فيه لغة الفن وإشاراته.

المساهمون