مقارنة ظالمة

مقارنة ظالمة

04 مايو 2016
فريد الأطرش
+ الخط -

حين بدأ الأطرش رحلته الموسيقية كان مأخوذاً بالتجريب وشغف خاص بالرقص، فقدّم أعمالاً غنائية استعراضية، من أبرزها أوبريت "انتصار الشباب"، نجحت معظمها على المستوى الشعبي، وإن طاولتها سهام نقّاد قلّلوا من قيمتها، لأنها اعتمدت على راقصات، وفي مقدمتهن سامية جمال.

بعد تقديمه أغانيَ من ألحان غيره لم تحقّق المأمول منها، توّجه إلى تلحين أغانيه بنفسه، وسرعان ما تفرّد بنمط خاص في العزف على العود، بحثاً عن مساحات جديدة في الموسيقى العربية تستلهم تنوّع إيقاعاتها في أكثر من جغرافيا، إلى جانب استعارته تقنيات آلات غربية، وربما غلّبت براعته في الارتجال على أسلوبية ظلّت أسيرة تقلّباته النفسية.

أراد أن ينافس عبدالوهاب، لكنه خضع بذلك إلى مقارنة "ظالمة" ستلاحقه مدى الحياة، فألحّ على صاحب "كل ده كان ليه" ليتبادلا اللحن ويغنّي كل منهما للآخر من دون جدوى.

مشاريعه التي لم تقم مع عبد الوهاب وأم كلثوم قادته إلى الاعتقاد باضطهاد أهل الفن في مصر له، وساهم في تعزيز ذلك الهجوم المتكرر عليه في الصحافة المصرية. خيبات الأمل وتوتر علاقته بمحيطه جعلته يجتر الحزن على شقيقته إسمهان، التي رحلت باكراً، ويندب حظّه على نساء وقع في حبهن ثم تركنه، ويدمن لعب القمار.

تجربة قاسية بدأها بمغامرات على مستوى الشكل والمضمون لينهيها بقوالب غنائية تبدو محافظةً على حد وصف كثيرين.

المساهمون