"موسوساراما": كأننا لسنا أفارقة

"موسوساراما": كأننا لسنا أفارقة

12 ابريل 2016
(من تحضيرات العرض)
+ الخط -

قليلةٌ هي الأعمال الأدبية والفنية التي اشتغلت على الفضاء الأفريقي في الجزائر، رغم أن هذا البلد يتشارك مع بلدان أفريقية أخرى ما لا يقل عن ألفي كيلومتر من الحدود، كما أن الثقافة الأفريقية تمتدّ إلى شطر واسع من جنوبه، الذي يكاد، هو الآخر، يكون منسياً في مدوّنات الجزائر الأدبية والفنية المختلفة.

ضمن تلك الأعمال القليلة، يُمكن أن ندرج مسرحية جديدةً يُنتظر أن تُعرض على خشبة مسرح مدينة سعيدة، غربي الجزائر، في الـ 27 من نيسان/ أبريل الجاري؛ إذ يحمل العرض مناخات أفريقية خالصة، طقوساً وأسماءً وهواجسَ وذهنيات ونفسيات.

يحمل العرض عنوان "موسوساراما"، وهو اسم امرأة جميلة عشقها رجل من قبيلة الهوتو يخوض صراعاً مع أخيها المنتمي إلى قبيلة التوتسي، والذي تأثّر بالاستعمار الغربي للقارة، فعمل على تغيير وجهه الأسمر بآخر أبيض، غير أنه يتراجع في النهاية عن هذا الخيار، ويتزعّم حركة تحرير واسعة للإنسان والمكان.

المسرحية التي ستُشارك، أيضاً، في فعاليات الدورة المقبلة من "المهرجان الوطني للمسرح المحترف"، التي تحتضنها الجزائر العاصمة في أيار/ مايو المقبل، أُوكلت مهمة الجانبين الإخراجي والسينوغرافي فيها إلى شوقي بوزيد، وهو مخرج مسرحي معروف بنزعته نحو التجريب وحضوره المثير للجدل، من زاوية رفضه الدائم لطرق تسيير الفعل المسرحي في الجزائر.

في حديثه إلى "العربي الجديد"، يبرّر بوزيد اختياره نص الكاتب محمد بن بديدة بقوّة البعد الأفريقي فيه، في ظل استمرار المشهد الجزائر في تجاهل هذا البعد: "نفعل ذلك كأننا لسنا أفارقة. هل يُعقل أن الأوربيين والأميركيين يستثمرون جمالياً أكثر منا نحن الجزائريين في الفضاء الأفريقي؟". يضيف أن الأخير "بقي حكراً على السياسيين والإعلاميين، ما جعله مجهولاً لدينا في بعديه الفني والإنساني".

يقول صاحب مسرحية "فوضى الأبواب" إن العرض يحاول خلق حوارية عميقة بين مختلف العناصر المسرحية، من تمثيل وموسيقى وسينوغرافيا وإخراج وتعبير جسدي ولغة، لتعميق علاقة المتلقّي الجزائري والعربي بهواجس وأسئلة ومناخات وطقوس الإنسان الأفريقي المعاصر، في مقدمتها سؤال: لماذا بقيت القارّة السمراء منتجة للسواعد الهاربة إلى غيرها؟

يضيف: "عدم استفادة العالم من تجربة الصراع الإثني بين الهوتو والتوتسي والذي أثمر قتلاً وتشريداً جماعيَّين، أدى إلى حروب مماثلة في ما بعد، وعلى المسرح أن يقول كلمته في هذا الباب".

من جهته يقول لـ "العربي الجديد"، زروق السعيدي مدير مسرح سعيدة، الجهة المنتجة للمسرحية: "إن هذه الالتفاتة إلى أفريقيا هي مرافَقة فنية، بشروط الفن وأدواته، للجهود الديبلوماسية التي تقوم بها الجزائر في القارّة، خصوصاً في دول الساحل وما تعرفه من اضطرابات أمنية".

يضيف: "تجربة تهديم مخطوطات تمبكتو وأضرحتها في مالي، وما أعقبها من صمت عالمي، أسّست لتجربة تهديم آثار العراق وسورية على أيدي "داعش". على الفن أن يزرع حس رفض الإرهاب بكل أشكاله".

المساهمون