قرابين العلم

قرابين العلم

06 أكتوبر 2016
وليد المصري/ سورية
+ الخط -

في مخبر كلّية الطبّ في جامعة دمشق، في السنة الثانية، وضعوا أمام كلِّ طالب حمامةً كي نقوم بتنخيعها، وإجراء تخطيطٍ لقلبها. والتنخيع، مصطلحٌ طبِّي يعني قتل النخاع الشوكي بإبرة حادة؛ إذ يجري إدخال الإبرة إلى نقطة دقيقة في ظهر الحمامة، بين رأسها وظهرها بالضبط، تجعلها تفقد كلّ أحاسيسها فوراً، بينما يبقى جهاز دورانها، أي قلبها، شغّالاً.

تتحرَّك الحمامة بين يدي، وبازدياد شدّة مقاومتها، تتصلّب قبضتي أكثر. في عام 2008، أخرجتُ الإبرة من محفظة الأدوات الطبّية الحادّة، وأمسكتُ رقبة الحمامة. كان إبهام يدي اليسرى قريباً من عينها اليمنى. تتحرّك الحمامة بين يدَي رافضةً التجربة الطبّية، وهذا القربان الظالم. أغرس الإبرة باحثاً عن المنخفِض المزعوم، والنقطة المطلوبة التي يجب أن تكون ليَّنة وطرية، كي تمتصَّ الإبرة فوراً.

أُضبضب جناحيها كي لا أتأثّر بصوت الخفقان، عليها أن تموت من دون أن تجعلني أشعر بالحزن. ثوان طالت، وأنا أبحث وأمزّق لحم الحمامة باحثاً. استقرّت الإبرة أخيراً في حفرتها. أفرجْتُ عن رقبة الكائن المنخوع. شعرتُ ببللٍ على إبهام أصبعي اليسرى. سائل شفّاف نُقَطِي. شعرتُ بالذعر، وسألت المشرف، فوراً، عن ذلك.

أجابني: "هذه دموعها".


* كاتب سوري من أسرة العربي الجديد


دلالات

المساهمون