القراءة في الغرب وخرافات عقد النقص

القراءة في الغرب وخرافات عقد النقص

10 أكتوبر 2016
صادق أمين خوجة/ الجزائر
+ الخط -

ثمَّة خطأ شائِعٌ وبسيط يقع فيه بعض الوافدين الجدد، أو المهاجرين عموماً، هنا في الغرب، وله علاقة، في اعتقادنا، بالأثر العكسي للتنميطات الثقافويَّة الجامدة التي يستقرُّ داخلها الوافد القادم من مناطقنا.

الخطأ هو بأنَّ الناس تقرأ 24 ساعة هنا في الغرب. تعزِّز هذه السرديات أرقام وتقارير غريبة يمكن وصفها في كثير من الحالات بالخرافية، تقول مثلاً إنَّ ما "تقرأه مدينة صغيرةٌ في دولةٍ غربيَّة يعادل ما يقرأه كل العالم العربي والإسلامي"، أو "ما تترجمه إسرائيل سنوياً، يعادل ما ترجمه كل العالم العربي والإسلامي من عام 1948 حتّى الآن"، وغير ذلك من هذه التقارير الخيالية، التي تشكّل مداخل إحباط ذاتيَّة جماعيَّة، وتحقير سياسي داخلي مستمر. وهنا، لا بدّ من الوقوف عند ملاحظتين أساسيتين في هذا الصدد:

أوَّلاً، ثمَّة قراءة شائعة وسائدة ومنتشرة في أوروبا، اسمها "قراءة التسلية"، وهذا يعني، أنّ ليس كل القرَّاء مُهتمّون بالفكر والفلسفة والأدب.

قصص "هاري بوتر" مثلاً تُباع منها ملايين النسخ، وغيرها من القصص البوليسية، وهي كتب تعتمد على الإثارة والرعب والتشويق، ولا تحتوي على أي مضامين أدبية جديَّة. في القطار، أراقب دومًا عناوين لكتب موجودة في أيدي الناس، ونادرًا ما أجد عناوين مهمة.

ثانياً، لا شكَّ، بأنَّ وضع الثقافة هنا في الغرب، أفضل بما لا يقاس وبأشواط من وضع الثقافة في العالم العربي والإسلامي. الثقافة هنا، حالة اجتماعية وسياسية ولها صلة بالنقاش اليومي، أي أنّ الحركة الثقافية تستمد حريِّتها من الأنظمة السياسيّة ذات الصبغة الليبرالية سياسيّاً، ومن أسُس حريّة الإعلام والاعتقاد والكلام والتحرَّك.

كما أنّ الصحافة ودور النشر في الغرب، لا تتركّز في المدن الكبيرة بشكل أساسي، وهي مستقلّة بشكل معقول عن المال السياسي السلطوي، وبالتالي، تجدُ العشرات من الصحف ودور النشر في المدن الصغيرة وحتى في البلدات والقرى.

ومن هنا، فإن صحّت المقارنة بين أوضاع ثقافيّة متباينة ناتجة عن أنظمة سياسيَّة مختلفة، ديمقراطيّة مستقلّة عن الفضاء الثقافي العام بشكلٍ معقول في الغرب، واستبداديّة تسيطرُ بالعنف المجرّد على الفضاء الثقافي العام في العالم العربي والإسلامي؛ فلا يوجد أي وجه عادل في المقارنة بين شعب غربي "مقبل على القراءة ويحب الثقافة"، وشعوب شرقيّة "كسولة وتكره القراءة والثقافة".

المساهمون